آخر حالة اضطراب حول الذكاء الاصطناعي هي أنه سيضر بالنساء في أماكن العمل. النساء المعتادات على عناوين متشائمة، يمكن أن يكن قد واجهن ذلك باعتباره أمرا مقدرا. على أن السبب الذي قد يجعل ذلك صحيحا يستحق التحقيق. هناك مخاوف منطقية بما فيه الكفاية، لكنها تفشل في فهم الطرق الكبيرة التي سيتغير بها عالم العمل. في الواقع، من الممكن جدا أن ينتمي عصر الذكاء الاصطناعي إلى النساء. الرجال هم المعرضون لخطر التخلف عن الركب. مما لا يمكن إنكاره أن هناك بعض الأسباب التي تسبب القلق حيال المرأة. قد تكون بعض أدوات الذكاء الاصطناعي متحيزة ضدها، وهو خطر على أي مجموعة غير ممثلة بالقدر الكافي تاريخيا في مكان العمل. نظرا إلى أن التعليم الآلي يميل إلى التعلم من البيانات التاريخية، فإنه يمكن أن يبقي أنماط الماضي ويديمها بنقلها إلى المستقبل. يذكر أن "أمازون" اكتشفت قبل بضع سنوات أن أداة توظيف تجريبية، مبنية على بيانات طلبات العمل لمدة عشر سنوات، قد برمجت نفسها على تجريد السير الذاتية التي تحتوي على كلمة "نساء"، مثل "كابتن فريق الهوكي النسائي". علاوة على ذلك، تشير بيانات من ملفات التعريف في "لينكد إن" إلى أن 78 في المائة من الأشخاص العاملين في الذكاء الاصطناعي هم من الرجال. لا يقتصر الأمر على أنهم يرسمون المستقبل، بل إنهم يشغلون أيضا بعضا من أفضل الوظائف الجديدة التي تم إنشاؤها في السنوات القليلة الماضية. تسببت حرب توظيف في رفع رواتب الأشخاص الذين يحملون شهادات الدكتوراه في مجال التعليم الآلي إلى مستويات عالية جدا. يجدر الانتباه إلى هذه المشكلات والعمل على إيجاد حلول لها. يجب عدم منح الخوارزميات السلطة دون شفافية ومساءلة وضوابط وموازين بشرية، ويجب أن يتم شغل وظائف الذكاء الاصطناعي العليا من قبل مجموعة أكثر تنوعا من الأشخاص الأذكياء. ومن المهم أيضا تذكر أن عددا صغيرا فحسب من وظائف المستقبل سيحتوي على إنشاء خوارزميات. كثير منا سيجد عمله قد أعيد تشكيله وتقييمه من قبلها. وهنا قد تكون للمرأة الأفضلية. نظرا إلى أن الآلات أصبحت أفضل في عديد من المهام المعرفية، فمن المحتمل أن تصبح المهارات التي تكون سيئة فيها نسبيا أكثر قيمة. تتضمن هذه القائمة حل المشكلات الإبداعي والتعاطف والتفاوض والإقناع. كما قال آندي هالدان، كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، "قد تنطوي الوظائف المستقبلية ذات المهارات العالية والأجور المرتفعة على مهارات تقاس بشكل أفضل، بمقياس إي كيو EQs وهو مقياس الذكاء العاطفي أكثر من مقياس نسبة الذكاء آي كيو IQs". لا يوجد سبب يمنع الرجال من التفوق في هذه المقاييس، فتاريخيا تم الكشف عن هذه المهارات بدرجة أكبر لدى النساء، بل وتشجيعها. في الواقع، يقول بحث جديد من جامعة زيورخ "إن الاتجاه الذي تنبأ به هالدان قد بدأ بالفعل". في الولايات المتحدة، منذ الثمانينيات، انخفض احتمال أن يحصل رجل لديه تعليم جامعي على وظيفة تتطلب مهارات معرفية عالية، بينما زاد احتمال حصول امرأة لديها تعليم جامعي على العمل نفسه. يجادل المؤلف بأن هذا مرتبط بزيادة الطلب في هذه الوظائف، على المهارات التكميلية مثل الذكاء العاطفي، الذي أعطى النساء الأفضلية. من المهم عدم استباق الأمور. الاتجاه المحدد في البحث توصل إلى سد الفجوة بين الجنسين في الوظائف العليا، فحسب. ليس هناك أي مؤشر حتى الآن على إعادة تقييم قيمة المهارات العاطفية في وظائف مثل الرعاية الاجتماعية، التي لا تزال من الوظائف الأسوأ أجورا في الاقتصاد. بيد أنه مع بزوغ عصر الذكاء الاصطناعي، فإنها اللحظة المناسبة لإصلاح الطريقة التي نقدر بها هذه المهارات، والطريقة التي ندرسها من خلالها. مع مراعاة متطلبات المستقبل، نحاول إقناع الفتيات بأن البرمجة ليست للفتيان فحسب، فلماذا لا نحاول أيضا إقناع الفتيان بأن التعاطف ليس حكرا على الفتيات فحسب؟ يمكننا أن نبدأ بتغيير اللغة التي نستخدمها. تحدثنا لفترة طويلة عن "المهارات الشخصية"، مع دلالات الأنوثة ونقص الصرامة. دعونا نسميها وفق ما هي عليه فعلا: "مهارات مضادة للروبوت"، ليس بوسع الرجال ولا النساء مواجهة القرن الحادي والعشرين بدونها.
مشاركة :