يرى أبرز أدباء اليهود الشرقيين سامي ميخائيل أن إسرائيل سفينة في بحر متلاطم وتواجه خطرا مصيريا، ويؤكد أنها لا تضمن أمن الشعب اليهودي المسموم بالخوف. ووجه ميخائيل في حديث مطول -لملحق صحيفة ديعوت أحرونوت الذي يصدر الجمعة- انتقادات قاسية لتفشي الفساد والفوارق الطبقية في إسرائيل، وانقسام اليمين واليسار فيها لشعبين لا يقويان على إدارة حوار بينهما، بل تحل الكراهية العميقة بينهما بدل العقلانية. ويعتبر ميخائيل (89 عاما) -وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان وولد في العراق وهاجر إلى فلسطين عام 1949- أن المخاطر الداخلية أشد خطرا على إسرائيل، وأن ما تعانيه هو من صنع يديها. ويختلف ميخائيل عن أدباء يساريين آخرين يركزون على التهديدات الخارجية ويرون في احتلال الضفة الغربية تهديدا وجوديا لإسرائيل، لأنه سيحولها إلى دولة ثنائية القومية تتحول سريعا لدولة عربية، كما يؤكد الأديبان أ.ب يهوشع وعاموس عوز في مقالات وتصريحات عديدة. ويحمل ميخائيل مباشرة على رئيس إسرائيل السابق شمعون بيريز ويقول إنه عاش حياة بذخ أنفق فيها 20 مليون دولار كل عام كأنه لويس الرابع عشر، في وقت يذهب تلاميذ المدارس دون طعام، ويعدم المسنون وسائل التدفئة في برد قارس. ويوجه نقدا لاذعا للنخب الإسرائيلية الجشعة التي تهتم ببقائها في السلطة أكثر من حرصها على مستقبل الدولة. أكثر سكينة وينتقد أجهزة الكبح والرقابة، ويقول إنها صارت من طائفة النخب يتستر كل منها على قاذورات الآخر وتحاول معا إفراغ محكمة العدل العليا وبقية أدوات الرقابة. وردا على سؤال عما إذا كان مصابا بالخيبة من إسرائيل، يقول ميخائيل إن الصهيونية فكرة رائعة ونتاج أدبي لكن المعالجة سيئة والمكان خطير، مشيرا لوجود مناطق أكثر سكينة في العالم. ويتابع الحلم الصهيوني تشكل في قرن الحركات القومية لكن البشرية اليوم تتحد نحو الأطر التوحيدية، ومن جهتي فكل المعمورة دولتي وعندما يشعر الإنسان بالراحة في مكان ما عليه التحرك والانتقال، والعالم كله وطني. إسرائيل متطرفة ويتفق ميخائيل مع أبرز شعراء إسرائيل اليوم وهو نتان زاخ الذي يقول في تصريحاته وكتاباته إن إسرائيل الحالية متطرفة جدا قوميا ودينيا، وهي ليست الدولة التي حلم الصهاينة بتشكيلها، ويدافع عن هجرة الشباب منها. وميخائيل يقيم في حيفا، وهو من الأدباء القلائل الذين يغردون خارج السرب الصهيوني، مؤكدا أن إسرائيل غير قادرة على منح الأمن للشعب اليهودي. ويفضح الأديب الرواية الصهيونية بقوله العكس هو الصحيح، ومؤسسو الدولة لم يعرفوا المنطقة ولم يروا الأشخاص من قبلهم هنا، ويتابع لقد رأوا في البلاد جواميس ومستنقعات، وعندما شاهدوا سكانها اعتبروهم ظلالا حقيرة يمكن إخراجهم منها بسهولة. وبينما يصف نتان زاخ إسرائيل بالمملكة الصليبية والفاشية والعنصرية، يشبهها سامي ميخائيل بالسفينة داخل بحر عاصف بحارتها غير محترفين ولا يفقهون شيئا في الملاحة البحرية وهي المفاوضات، ويقول إنه لا يدعو يهود العالم للتجمع على متن هذه السفينة فهي تواجه خطرا مصيريا. وردا على سؤال لماذا لا تهاجر إذن؟ يوضح ميخائيل رئيس جمعية حقوق المواطن أنه سبق أن ذاق طعم فقدان البيت واللغة والثقافة من أجل تبني ثقافة أخرى، مشيرا بذلك لهجرته من العراق إلى فلسطين، ويضيف كما أنني مسن جدا ولدي هنا جذور عميقة جدا تكمن بزوجتي وأولادي وأحفادي الرائعين. ويشير المحامي علي حيدر إلى أنه لا يستغرب تصريحات صديقه الكاتب العربي اليهودي ميخائيل -الذي أصدر روايات بالعبرية وترجم بعضها للعربية- كونه أديبا شجاعا، وأن تركيزه هذه المرة على قضايا داخلية لا يعني عدم اهتمامه بقضايا الشعب الفلسطيني وهو دائم الدعوة للإسرائيليين للتحرر من الخوف ومن الأفكار الصهيونية. ويضيف حيدر للجزيرة نت يحب ميخائيل العوم بعكس التيار فيعلن حبه للثقافة واللغة العربية ويدعو الإسرائيليين للتعرف عليهما غير آبه بموجات الكراهية المهيمنة.
مشاركة :