النوروز, أحد الاعياد الفارسية القديمة والذي يعني" اليوم الجديد", وتحتفل فيه ايران في شهر مارس, ومن مظاهر هذا الاحتفال " حاجي فيروز" وهو شخصية بهلوانية مهمتها الاعلان عن اقتراب الربيع وتحرك كل ما في الكون نحو تجدد الحياة, ولكن لم تعد رسائل " حاجي فيروز" تحمل ذات المعاني للإيرانيين منذ 40 عام وهو عمر حكم الملالي, وحُرم الشعب من السعادة والاحتفال بهذه الاعياد منذ مجيء الملالي الإيراني.فالموائد الفارغة, والحوادث المتكررة والتي يروح ضحيتها الأف من المواطنين نتيجة اهمال الحكومة للإحلال والتجديد, والتضخم, والهبوط المطلق في قيمة العملة الرسمية الريال أمام الدولار، والوضع المقلق للميزانية والموارد المالية ، والعقوبات الامريكية الموقعة علي ايران, والتهديدات المتزايدة التي يشكلها ما لا يقل عن عشرة ملايين عاطل عن العمل ، والأهم من كل هذا ان الظروف غير المستقرة هذه أجبرت النظام على أن يكون في حالة تأهب قصوى في كل دقيقة ,وما ينتج عن حالة التأهب القصوى من انتهاك لحقوق وحرية الانسان. كل هذا وأكثر يمنع الشعب الإيراني من الاحتفال بهذا العيد الذي هو رمز للتجديد والأمل ولكن للأسف في مجتمع منكوب بالفقر والقمع.فالنوروز حل هذا العام علي موائد فارغه, حيث الغلاء وهو بمثابة عدو للمعدة. ففي بداية العام الإيراني وفي ليلة العيد عادة ما يتم الاقبال بكثرة علي شراء اللحم والمكسرات وما شابه من المواد الغذائية, إلا في هذا العام وصلت نسبة التضخم إلي اوجها حيث انخفضت القدرة الشرائية للشعب الإيراني, مما ادي إلي إقامة طوابير طويلة لتوزيع السلع الاساسية لاسيما اللحم والدجاج والسكر ولكن علي الرغم من هذا ظهرت حالات تسمم كثيرة نتيجة فساد اللحوم والمواد الموزعة في الطوابير. كما صرح مركز الاحصاء الايراني في تقرير له اوائل العام الايراني مفاده أن :" نسبة التضخم في زيادة بالمقارنة بالأعوام المنصرمة, حيث الزيادة في قيمة السلع والخدمات الاستهلاكية".هذا بالإضافة الي الاعتصامات والاحتجاجات التي تعم ايران حتي في يوم النوروز, فينتفض الشعب الايراني في مثل هذه الاعتصامات تعبيرا عن رفضه للواقع الأليم الذي يشاهده ويحياه. ففي الواقع ، يمر النظام الحاكم بأكمله بمعدل متسارع من الانحطاط والتدهور. نظرًا لعدم تمتعهم بفرصة حقيقية للبقاء على قيد الحياة، نتيجة ما يقوم به الملالي بتجميع موارد نظامه " الاجرامي" لقمع وإراقة دماء الشعب الإيراني.المشكلة في جوهرها ليست هذه الأزمة " الغلاء أو مجموعة الأزمات المعروفة" أو تلك التي يواجهها النظام ؛ القضية الحقيقية هي أن حكمهم كله في أزمة. نعم، هذه الأزمة هي أزمة الإطاحة. ولن يتخلى الشعب عن هذا الخيار ألا وهو الإطاحة بهذا النظام أبدًا.باختصار ، ليس لدى الملالي أي مخرج أمام الانتفاضات والاحتجاجات الوطنية التي تطوقهم. و ينتج هذا عن فهم لجوهر الانتفاضات ويقدم ملخصًا لأحداث العام الماضي. ولم تترك التوترات الداخلية أمام الملالي المزيد من الفرص لعرض مظاهر التغيير أو حتي الندم.وعلي سياق منفصل, تزايدت في ايران في الفترة الاخيرة نسبة الحوادث سواء حوادث الطرق او الفيضانات او الحوادث الناتجة عن الحرق, والتي كان آخرها ـــــ وليس بأخر ـــــ حريق هائل في الطائرة الإيرانية بمطار" مهر آباد" في العاصمة طهران. وكالعادة أرجعت إيران سبب هذا الحريق إلي العقوبات الأمريكية و عدم تسليم شركة " بوينغ" و " ايرباص" الطائرات إلي ايران, وعدم قدرتها علي شراء الطيارات وقطع الغيار الخاصة بالطائرات, وهذا إن دل علي شيء فانه يدل علي تهالك منظومة الطائرات في ايران, في حين أن ايران تدعي غير ذلك ولكن هذا الادعاء نضعه في خانه " البروباجاندا" وليس له أي اساس من الصحة , فإيران نمر من ورق . وتحاول ان تروج لنفسها في الاعلام ولكن هذا الترويج كاذب. في حين أن كل مشكلة تحدث في ايران يرجعها المسئولين إلى العقوبات الامريكية متناسيين تماما سلوكهم في زعزعة استقرار الدول والتي نتج عنها العقوبات الامريكية.وتشير الاحصائيات أيضا الى تزايد نسبة الوفيات نتيجة حوادث الطريق, فقبل يومين من النوروز توفي من 56 إلي 77 شخص , وأكثر من 1700 مصاب نتيجة حوادث الطريق . في حين أن اجمالي عدد المصابين في مدينة طهران في العشر شهور من السنة الماضية بلغ 24 الف و 273 رجل و 8 الاف و 658 امرأة ليصل العدد الي 32 الف و 929 شخص تعرضوا للإصابة نتيجة حوادث الطريق. اما في السنة الحالية وتحديدا في 21 مارس, توفي 77 شخص ومالا يقل عن 700 مصاب نتيجة حادثة علي الطريق الحر طهران – كرج – قزوين. كما اشتعلت النار في ما لا يقل عن 15 دكان في سوق طهران ونتج عن هذا الحريق خسائر في الارواح أيضا, كما لقي 5 أشخاص حتفهم ، إثر انفجار في خط أنابيب الغاز بمدينة الأحواز جنوب غربي إيران. بسبب تسرب الغاز و أسفر الحادث عن مقتل 5 و إصابة 6 آخرين. هذا بالإضافة الي اشتعال النار في مبني محطة القطار في مشهد , واشتعال النار أيضًا في ادارة اوقاف " ماهشر" في ايران. هذا غير الحريق في المدارس لاسيما مدرسة " الاسوة الحسنه" في " زاهدان" واسفر هذا الحريق عن مقتل 4 طلاب. وفي سياق متصل, ووفقا لوكالة انباء ايسنا, فأن معدل الاصابات والوفيات ــــ في يوم الثلاثاء الاخير من رأس السنة الايرانية وهو من مظاهر الاحتفال ايضا والمسمى ب " جهار شنبه سوري" ــــــ بلغت وفاة شخص ومن 155 الى 433 مصاب في هذا اليوم, في حين أن صرحت الوكالة " ايسنا" أن اجمالي المصابين في حوادث الحريق بلغ 1509 شخص, وعلي الاقل 107 شخص فقدوا بعض اطرافهم, و 453 شخص مصاب في منطقة العين". اما عن الفيضانات, فأسفر فيضان في " كلستان" عن وفاة طفلين وتهجير الكثير من المنازل.فلعل النيروز في هذا العام يحمل رياح التغيير والانتفاضة ضد الملالي.
مشاركة :