إن تبني تقنيات جديدة وإحداث تحول جوهري في الاقتصاد يؤديان إلى اختلالات، وسيتعيَّن أن يصاحب هذه العملية إصلاح شبكات الأمان الاجتماعي. فشبكات الأمان الاجتماعي الآن مرتبطة بالمهن التي يوجد معظمها في القطاع العام، وهو ما يستبعد الأغلبية العظمى من السكان في القطاع غير الرسمي. ومن الضروري إيجاد أنظمة حديثة تتركز على الأفراد واحتياجاتهم. يتمثل أحد المخاطر التي سيتعيَّن على المنطقة التغلب عليها في القوة الطاغية للاقتصاد الجديد. فالعالم يهيمن عليه عمالقة التكنولوجيا الذين سيفترسون على الأرجح البلدان التي تتسم أنظمتها لحماية البيانات الشخصية بالضعف نسبيا، وهو أمر في الاقتصاد الرقمي يعادل في قيمته النفط. وعلى الصعيد المحلي، لمجابهة هذا الخطر، قد تزداد في الواقع قوة الدول ذات الأنظمة المركزية التي تحابي الاقتصادات الريعية بدلا من القيام بدورها كعوامل تيسير. وينبغي لبلدان المنطقة تبنِّي لوائح تنظيمية تتسم بمرونة كافية لاستيعاب الصناعات ذات التطور السريع التي تمثِّل ركائز الاقتصاد الجديد، وتبعث على الطمأنينة بدرجة كافية تتيح دخول رأس المال المخاطر، والانتقال من مشاريع ناشئة إلى مؤسسات أعمال قادرة على النمو وتوفير الوظائف. فهذا من شأنه أن يشجِّع على ظهور شركات وطنية رائدة تحرِّكها المواهب المحلية. وستحتاج شركات التكنولوجيا المحلية إلى الظروف المناسبة لكي تنمو إلى الحد الذي يمكنها فيه من تحقيق مكانة عالمية، وتكون مؤهلة للدخول في شراكة مع عمالقة التكنولوجيا في العالم. وسيتطلَّب هذا اكتساب وتعبئة المهارات المناسبة، ومن ذلك الاستفادة من معين المهارات والمعارف لدى المغتربين من أبناء الوطن. ويمكن للمنصات المحلية أن تبدأ بتقديم حلول محلية لمشكلات محلية، وترتبط في نهاية المطاف بسلاسل القيمة العالمية. إن تفويت الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة سيعمق الفجوة الرقمية ويضع المنطقة في الجانب الخطأ منها. وستستبعد المنطقة من سلاسل القيمة العالمية للسلع والخدمات. ودون سحابة الإنترنت، وما تتيحه من إمكانية الحصول على أحدث البرمجيات، ستكون الشركات الناشئة ومنشآت الأعمال الصغيرة أقل قدرة على المنافسة. وسيجد من يعيشون في البلدان الأقل نموا أنفسهم مفتقرين إلى البنى التحتية التي تربطهم بالفرص أو مضطرين إلى السفر للبحث عنها. والمحصلة النهائية هي أن العوائد المتوقعة للرقمنة قد تكون أعلى بالنسبة للبلدان النامية. ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مهيأة لجني ثمارها. وسيتطلب ذلك تغيير اللوائح التنظيمية التي تحابي الآن المؤسسات القائمة بالفعل، وإيجاد بيئة اقتصادية تنافسية يحركها الابتكار والإبداع. فهذه هي الصيغة الوحيدة القادرة على تلبية مطامح وتطلعات الشباب في المنطقة.
مشاركة :