دعا متقاعدون من جهات حكومية مختلفة إلى تشكيل آلية للاستفادة من خبرات المتقاعدين في مختلف التخصصات السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية على المستوى الوطني. وشددوا على أن هناك افتقارًا كبيرًا في مجال الدراسات والبحوث المتخصصة على المستوى الوطني؛ لكي تستفيد الاجهزة المعنية بخلاصة أفكارهم وتجاربهم. واكدوا أن التقاعد بداية لمرحلة جديدة من العمر وليس نهاية العالم، وان توظيف خبرات سنوات العمل الوظيفي مطلوبة في مشروعات ومبادرات اجتماعية. وحذروا من اندفاع البعض من المتقاعدين والدخول الى السوق، وتأسيس مؤسسات قطاع خاص قبل دراسة السوق بعناية، واجراء دراسة جدوى في مجال الخبرة التي يملكها المتقاعد والتخصص الذي يتخصص به. وحددوا عدة قواعد ومحاور يطبقها المتقاعد لتحقيق اهدافه المرجوة التي يهدف اليها. جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية التي نظمتها جمعية «اقتصاد الالهام» برئاسة د.دنيا أحمد الثلاثاء الماضي بريل جاردن بمنطقة الجسرة؛ بمناسبة مرور عامين على تأسيس الجمعية في 18 مارس عام 2017، والتي تمحورت حول ثلاثة محاور، وهي أولا: الحياة ما بعد التقاعد، ثانيا: طبيعة انتاجية المتقاعد، ثالثا: الممارسات الاجتماعية والاقتصادية في مرحلة التقاعد، وبحضور مؤسس المشروع العالمي لاقتصاد الالهام د.محمد بوحجي، وبمشاركة المتحدثين رئيس جمعية اولياء امور المعاقين واصدقائهم جاسم سيادي، وعضو مجلس ادارة جمعية الاجتماعيين بدرية الجيب، ونائب الرئيس بجمعية البحرين للتدريب وتنمية الموارد البشرية بهيجة الديلمي، عضو جمعية نهضة فتاة البحرين المهندسة بتول عبدالعال، وعدد من المتقاعدين من الجنسين ومؤسسات المجتمع المدني والمهتمين. وفي البداية، أكد رئيس جمعية «أولياء امور المعاقين واصدقائهم» جاسم سيادي أن التقاعد ليس تجربة فردية بل في صميم البنية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، مشددا على ان أعداد المتقاعدين في تزايد، وهناك تراكم الى درجة كبيرة ستشهدها السنوات القادمة. وحذر سيادي المتقاعدين من عدة أمور، وهي اولا: ان ينتهي من كافة القروض التي اقترضها المتقاعد من البنوك قبل مرحلة التقاعد حتى يستطيع راتبه التقاعدي ان يفي باحتياجاته واسرته، ثانيا: ان يكون لديه برنامج ادخار في حال عدم توفر موارد بديلة لديه، ثالثا: ان يتفاعل المتقاعد مع التقاعد ايجابيا. واعتبر سيادي ان عملية التقاعد الاختياري على المستوى البعيد، وامكانية دخول المتقاعدين اختياريا الى سوق العمل للسنوات الخمس القادمة، هو نثر أحلام ودغدغة مشاعر ولن يتحقق، مرجعا ذلك الى صغر ومحدودية مساحة البحرين، فضلا عن تشبعها بالمشاريع الشخصية، داعيا الى ضرورة التفكير خارج الصندوق ومن خلال اقتصاد الالهام، وأن يتم الدخول الى سوق القطاع الخاص بناء على اساس علمي صحيح، وليس على الحماس الناتج على تبرير الفعل. وشدد سيادي على ضرورة الاستفادة من الخبرات التراكمية للمتقاعدين في مختلف التخصصات السياسية والاجتماعية والتجارية والثقافية، مؤكدا ان هناك افتقارًا كبيرًا في مجال الدراسات والبحوث المتخصصة على المستوى الوطني. واقترح سيادي قيام الجهات المعنية بتشكيل آلية للاستفادة من عدد من المتقاعدين من اصحاب العقول للمساهمة في دراسات متخصصة في المجالات المختلفة، وان يتم تشكيل مجموعة عمل او خلية أزمة لخروج بعض المؤسسات الوطنية المتعثرة من ازماتها. وأشار سيادي إلى انه يمكن لصندوق العمل «تمكين» القيام بدور في هذا الشأن، الى جانب المجلس الأعلى للمراة، والمؤسسات المعنية الاخرى. ومن جانبها، اشارت نائب رئيس جمعية البحرين للتدريب وتنمية الموارد البشرية بهيجة الديلمي، الى ان الوقت ثروة وان تاسيس مشروع ناجح ينبع اولا من فكرته من خلال تخصص المتقاعد، لافتة الى ان هناك ثروات لا بد على المتقاعد أن يوظفها، وهي المجتمع المدني والعمل من المنزل وريادة الاعمال. وتابعت: ميزة التقاعد هي جني ثمار بينما مرحلة ما قبل التقاعد في اثناء العمل الوظيفي، مضيفة «كما يمكن للمتقاعد أن يوظف قدراته وميوله وهواياته، وأن يختار العمل الذي يميل اليه ويجد فيه نفسه، فضلا عن الامكانات الشخصية والفرص ونوعية العمل. وزادت: «الانضواء تحت لواء جمعية اجتماعية والعمل التطوعي في اثناء العمل الوظيفي له ميزة بعد»، مشيرة الى ان هناك بعض العناصر التي يجب توافرها وهي التخطيط والفرص ونوعية العمل، مضيفة «أن العمل التطوعي من خلال جمعية تنمية الطفولة، هوالذي أوصلني الى العمل بالمجلس الاعلى للمراة». ومن جهتها، بينت عضو مجلس ادارة جمعية الاجتماعيين بدرية الجيب أنها عملت بالوظيفة لمدة اربعين عامًا، وكانت ترى في البداية ان التقاعد صعب عليها، وذلك في مرحلة ما قبل التقاعد، مضيفة «وبعد التقاعد عدت مرة اخرى للعمل التطوعي، مشددة على ان ما تعلمته من المجتمع المدني لا يقل عما تعلمته من وظيفتها. وبدورها، قالت عضو جمعية نهضة فتاة البحرين المهندسة بتول عبدالعزيز: «التقاعد مثل اي مرحلة عمرية يمر بها الانسان بالنسبة للاشخاص الموظفين، معتبرة ان هذه المرحلة صعبة جدا ولابد ان يستعد لها الانسان». واشارت الى ان الانسان في العمل الوظيفي هو ملك للوظيفة، بينما حياتنا التقاعدية فهي ملكنا وحدنا، لافتة الى انها عملت نحو خمس وثلاثين عامًا بهيئة الكهرباء والماء وتقاعدت في عام 2014. وتابعت: «لم احس ان هناك فارقًا بين الوظيفة والتقاعد؛ وذلك لأن حياتنا المهنية كان توازي حياة اخرى وهو العمل التطوعي، فضلا عن قيامي بانشطة رياضية واجتماعية في نفس موعد الدوام الحكومي». وكشفت عبدالعزيز عن ثلاثة مشاريع تقوم بها جمعية نهضة فتاة البحرين، وهي تستهدف منها المراة المعيلة، سواء المطلقة او الارملة، وهي أولا: «مشروع تدوير بقايا الاطعمة واوراق الاشجار لتحويله إلى سماد داخل منزلها، ويتم تسويقه وبيعه، وتحصل منه على نسبة، فضلا عن تحقيق هدف المحافظة على البيئة». وأوضحت عبدالعزيز ان الجمعية بحثت مع امانة العاصمة وضع حاويات صغيرة في السوق المركزي بالمنامة، وايضا ناقشنا هذا الامر مع المحافظة الشمالية: وتابعت: «والمشروع الثاني هو تدوير ومعالجة مخلفات الاوراق والبلاستيك والاجهزة بانواعها، وتسويقها لمصانع التدوير. والمشروع الثالث هو جمع الملابس المستخدمة من خلال توزيع اكياس مخصصة لذلك على النساء المعيلات، حيث تتم عملية فرز الملابس وتصنيفها من قابل للاستخدام ليتم عرضها وبيعها، حيث تم توزيع 800 كيس مخصص لجمع الملابس». وبعد انتهاء المتحدثين، فُتح باب النقاش وتناول عدد من الحضور بعض النقاط من خلال مداخلاتهم، حيث اثروا الحوار. وفي مداخلته، اشار عضو جمعية الحكمة للمتقاعدين خليل حمد إلى ان جمعية المتقاعدين بدأت قبل عامين تقريبا برنامج «نبع الخبراء» لجمع اصحاب الخبرات والكفاءات من المتقاعدين في المجالات المختلفة. ومن جانبه، تناول عبدالله عبدالعزيز الموظف بهيئة السياحة والمعارض نموذج برنامج كندا مع التقاعد والمتقاعدين قبل الخروج من الوظيفة بعامين، وبالتدرج من خلال تخفيض ساعات العمل لتهيئة الموظف على مرحلة التقاعد، وليس التقاعد فجائيا حتى لا يتحول التقاعد لدى الموظف الى ازمة له وللمحيطين به في اسرته. وبدروها، أشارت مدير مركز المعلومات والأستراتيجيات بالمجلس الاعلى للمراة رنا احمد، الى انه من خلال الاحصائيات تبين ان نصف النساء اللاتي تقاعدن تتراوح أعمارهن من سن 40-47 عامًا، ولم تصل أعمارهن الى سن الخمسين، وحققن خبرة تراكمية بين 15-20 عامًا، ومنهن حاصلات على شهادات البكالورس ودرجتي الماجستير والدكتوراه، لافتة الى ان المجلس ينظم برنامجًا توعويًا لاستقطاب هذه الفئات بالشراكة مع أكثر من جهة، سواء في ريادات الأعمال او من خلال جهات عمل اخرى، والخطوة الاولى هي فتح باب التقدم بالطلب للمتقاعدة للدخول في البرنامج، مشيرة الى نسبة انخراط المرأة البحرينية في الجمعيات والعمل التطوعي تصل الى 25%.
مشاركة :