معرض الكتاب.. من زاوية أخرى - فاضل العماني

  • 3/8/2015
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

الكتابة عن الثقافة والفكر والإبداع، وتحديداً الكتاب كحافظ أمين لكل مصادر العلم والمعرفة والثقافة والأدب والفن، قضية معقدة جداً، وتحتاج إلى الكثير من الوعي والإدراك والحكمة، وقبل كل ذلك إلى الشفافية والموضوعية والمصداقية. في مثل هذا الوقت من كل عام، تحتضن الرياض تظاهرة ثقافية وفكرية وحضارية واقتصادية كبرى، وهي معرض الرياض الدولي للكتاب. في نسخته التاسعة، والتي حملت شعاراً ذكياً ومناسباً لطبيعة المرحلة، وهو "الكتاب.. تعايش"، يواصل هذا "الفعل الثقافي" الملهم حفره الغائر في جداريات الوعي والفكر والمزاج الجمعي في وطننا. الأرقام في معرض الرياض الدولي للكتاب، كبيرة وكثيرة جداً، وتدعو للفخر والإعجاب، ولكنها أيضاً توجه بوصلة التساؤلات والتداعيات عن حقيقة وتأثير كل ذلك على مستوى التنمية الثقافية في مجتمعنا. فهناك دار نشر، من دولة، تعرض أكثر من ألف عنوان، وعلى مساحة كبيرة تصل إلى ألف متر مربع، سيغص بها أكثر من مليون زائر خلال أيام. في هذا المقال بالذات، لن أوجه سهام النقد للمعرض كعادتي كل عام، رغم انه بحاجة ماسة لتنامي منسوب النقد والرصد والملاحظة، ليصل إلى مستوى طموحات وتطلعات المثقفين والأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي، فضلاً عن المسؤولين عن هذه التظاهرة الحضارية الرائعة. هذه المرة، سيكون النقد باتجاه معاكس، وسأحاول أن أرصد بعض السلبيات والمفارقات والتناقضات التي تُمارسها العديد من القطاعات والجهات والمؤسسات العامة والخاصة حول هذا المعرض المهم، ما جعل حالة الانسجام والاستثمار والتكامل بين المعرض والمجتمع شبه مفقودة. سأبدأ بالإعلام بمختلف وسائطه ووسائله، والذي فشل في تغطية وتسويق وتنجيم هذا الحدث الوطني الكبير. تكاد لا تجد تغطية إعلامية حقيقية ومحترفة إلا ما ندر. الإعلام بذراعيه الرسمي والخاص، مارس الغياب في حضرة الكتاب! وزارة التعليم في حلتها الجديدة، لم تجد في هذه التظاهرة الوطنية الكبرى سوى أركان خالية لبعض الجامعات السعودية التي تقدم الحلوى وتعرض بعض الكتب التي لا تجد لها عشاقاً. السؤال هنا: لماذا لا تشتري الوزارة تلك الكتب التي يبحث عنها الشباب لتُعيد الروح لأرفف المكتبات المدرسية التي غطى الغبار كتبها القديمة البائسة؟ وكذلك، وزارة الإعلام والثقافة، وهي الجهة المسؤولة عن المكتبات العامة التي لا يرتادها أحد، لماذا لا تضخ بعض الحياة لممراتها الخالية بوجود العناوين التي يبحث عنها القراء في هذا المعرض الرائع؟ في مدينة مليونية كالرياض، توجد بها الكثير من المنتديات والصالونات الثقافية والأدبية والاجتماعية، ولكنها بكل أسف لا تُمارس دورها التنموي والتنويري بشكل يُسهم في رفد مختلف الأنشطة والفعاليات الوطنية المهمة كمعرض الكتاب. للأسف الشديد، هذه المنتديات والملتقيات الأهلية التي تُعتبر أحد أهم ملامح ومعالم المجتمع المدني، لا تستثمر هذا الحدث الوطني الكبير، بل تُمارس الانزواء والانكفاء على برامجها وفعالياتها الخاصة. حتى المثقف، وهو المعني بهذا الفعل الثقافي، لا يقوم بدوره الحقيقي بالاحتفاء والاهتمام بهذه التظاهرة الثقافية الموسمية، فهو إما مترصد لا يرى سوى الأخطاء والسلبيات، أو عازف على وتر المدح والثناء لتحقيق بعض المكاسب. نحن لا نحتاج لهذا أو ذاك، ولكن إلى مثقف حقيقي يعتبر هذا الحدث الثقافي الوطني الملهم فوق كل الأهواء والرغبات والاعتبارات. أعرف أن القارئ العزيز، لا ينتظر نقداً بهذا الاتجاه، ولكنني فضلت ذلك، لكي تكتمل الصورة.

مشاركة :