جديد دار مسكلياني التونسية كتاب للفرنسي إريك إيمانويل شميت عضو أكاديمية غونكور، عنوانه «انتقام الغفران»، في ترجمة للكاتب التونسي المقيم بفرنسا أبوبكر العيادي. يضم الكتاب أربع قصص طويلة، هي أقرب إلى الروايات من جهة حجمها (نحو مائة صفحة أو يزيد) ومن جهة تعدد شخوصها وأزمنتها وأمكنتها وأحداثها، وتحوم كلها حول تيمة الغفران. الأولى «الأختان بربران» تروي قصة توأم، ليلي ومويزيت، تتشابهان في الخلقة، وتختلفان فيما عدا ذلك، فالأولى هادئة ذكية متسامحة، فيما الثانية سيئة الطبع، غيورة حقود، تحسد أختها في كل شيء. تمضي كل منهما في سبيلها، لتعيش عيشة مختلفة حتى سن الشيخوخة، إلى أن تلقى إحداهما حتفها في قعر بئر بحديقة أهلها، فلا ندري من التي ماتت، ولا من التي دفعت الثانية في جوفه للتخلص منها. والثانية «الآنسة باترفلاي» بطلها فتى من الطبقة الأرستقراطية يدعى وليم غولدن، وفتاة قروية ساذجة تدعى ماندين. بدأت العلاقة رهاناً، وانتهت بمأساة، فالحب أوله هزل، وآخره جدّ. فقد أثمرت العلاقة العابرة بين الفتى وليم وتلك الفتاة الساذجة ابناً يهيئه أبوه ليخلفه على رأس بنك عظيم، ولكنه يختار التزوير للإثراء السريع، ثم يكتشف أبوه أن الولد مصاب بمرض عضال، لا نجاة منه إلا بعملية زرع، والمانح مفقود. فتضحي الأم بحياتها لإنقاذ ابنها من الموت، مثلما سيضحي الأب لاحقاً بحياته لإنقاذ ابنه من الفضيحة والسجن والإفلاس. والثالثة «انتقام الغفران»، وبطلتها امرأة تركت كل شيء، وأقامت في بلدة بمقاطعة الألزاس، لتزور قاتل ابنتها، فتعرفه بنفسها، ثم تستدرجه لتعرف أسباب انحرافه، وتقوده تدريجياً إلى الاعتراف بذنبه، كي يستعيد إنسانيته، وعندما يرق قلبه ويقرّ بذنوبه، ويطلب المغفرة من أهالي ضحاياه، تتركه وتُعلم محاميه بأن ذلك هو انتقامها منه. أما الرابعة فبطلها عجوز ألماني كان طياراً بسلاح الجو النازي، وابنة جيرانه الصغيرة التي تتسلق سور الحديقة لتقول له «ارسم لي طائرة»، وهو عنوان القصة. تتطور الأحداث عندما يكتشف روشن أن أباه فرنر لا يزال على صلة بالنازيين، والحقيقة أن فرنر إنما أخفى في مستودع للنازيين الجدد طائرته المقاتلة التي سيكتشف لاحقاً أنه أسقط بها طائرة الكاتب الفرنسي الشهير أنطوان دو سانت إكزوبيري، فيقرر الانتقام على طريقته، مضحياً بحياته.
مشاركة :