ابتداءً، أعتذر إلى الإخوة القرّاء عن انقطاعي عن الكتابة خلال الأسبوعين الماضيين؛ بسبب اعتراضي على الرقيب في جريدتنا القبس، عندما سمح لأحد الزملاء بكتابة مقالته اليومية، وفيها اتهام لأمانتي وباسمي الصريح، بينما كان الرقيب نفسه يشطب جملاً كاملة وعبارات ترد في مقالاتي، إن كان فيها ذكر لنفس الزميل، ولو تلميحاً أو تعريضاً! اليوم، نشاهد مبادئ خصومنا تتساقط واحداً تلو الآخر، ابتداءً من تبنّيهم للنهج الديموقراطي، كأسلوب حياة، والذي تهاوى مع أول هزة أثناء ثورات «الربيع العربي» وتأييدهم للثورات المضادة، ودعمهم لعودة الأنظمة القمعية والعسكرية من جديد.. إلى آخر هذه المبادئ، التي كشف زيفها أحد رموز هؤلاء الخصوم عند حديثه في برنامج الصندوق الأسود، عندما قال «عند تأسيس النقابات في الكويت كان لدينا هدف بمنع وصول «الإخوان المسلمين» لقيادة الحركة النقابية»! فالإقصاء الذي كانوا يتهمون به الإسلاميين لو تمكّنوا كان أسلوباً يمارسونه ضد خصومهم منذ الستينات! منذ فترة طويلة، وكبير المثقفين عند هؤلاء الخصوم يدعي في كتاباته انحسار التيار الديني وابتعاد الناس عنه وانكشاف زيفه للحكومة (!!)، لكنه إلى اليوم يحذّر الحكومة من هذا التيار وخطورته، ويتحسر على أن مطالباته لم تجد من يستمع إليها، ويناشد السلطة من دون خجل بقطع دابر هذا التيار في الجمعيات الخيرية والنقابات، بل وصل الأمر به إلى المطالبة بإلغاء كلية الشريعة وهيئة القرآن الكريم! وأقول له ما دام الأمر كما تقول إن التيار الوسطي المعتدل، الذي تسميه أنت تيار الإخوان المسلمين في الكويت، تم تحجيمه وانفض عنه الناس، فلماذا تشغل بالك وقلمك وتشغل معك القراء فيه وفي طروحاته، التي – حسب ادعائك – أصبحت في خبر كان؟! اليوم، لا تجد مقالاً لرمز ليبرالي أو علماني أو طائفي إلا ويحمِّل فيه التيار الاسلامي الوسطي كل مصائب القوم وكل مشاكل الأمة، وأنه سبب التخلّف، بل هو معرقل التنمية في البلاد! وهو يدرك، والناس يدركون، أن القرار الحكومي في الكويت، بل وفي الخليج، لم يكن يوماً بيد هذا التيار، ويكفي أن وزارتي الإعلام والتربية كان القرار فيهما بيد الليبراليين وأشباههم من أتباع العلمانية منذ تأسّست الدولة إلى اليوم. الذي يجهله خصومنا أن ما ندعو إليه هو مبادئ خالدة، نابعة من مصادر ربانية؛ (الكتاب والسنة)، لذلك مهما حاول هؤلاء الخصوم طمس هذه المبادئ والأفكار فلن ينجحوا. نعم، قد يتمكّنون من تحجيم التنظيم وشل حركة الدعاة إلى الله، لكن الفكرة والمنهج سيظلان في ضمير الناس، لأنهما يلامسان فطرتهم البشرية. ألم يتم سجن الشهيد سيد قطب ثم إعدامه؟! لكنه ألّف تفسير «الظلال» داخل السجن، فأصبحت أفكاره حية في ضمير ملايين البشر؛ لأنها أفكار تعجز الليبرالية والعلمانية عن مواجهتها! اليوم، قد تتعثّر مسيرة التيار الإسلامي نتيجة هذا الحشد الدولي غير المسبوق لمواجهته، لكن الفكرة الإسلامية لن يوقفها ــــ بإذن الله ــــ شيء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لينصرنَّ الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزّاً يعز به الإسلام أو ذلاً يذل به الكفر»! مبارك فهد الدويله
مشاركة :