تحديات الأمن المائي في دول مجلس التعاون الخليجي بين السياسة والإدارة والاقتصاد (2)

  • 4/1/2019
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

تناولنا بالتحليل في المقال المنشور بصحيفة أخبار الخليج يوم الخميس28/ مارس/2019م بعض المبررات التي دفعت جمعية علوم وتقنية المياه الخليجية إلى عقد مؤتمر الخليج الثالث عشر للمياه الذي استضافه معهد الكويت للأبحاث العلمية في الفترة (12 -14) مارس/ 2019 م برعاية كريمة من رئيس مجلس الوزراء الكويتي سمو الشيخ جابر المبارك الصباح، وبالتعاون مع المعهد والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبدعم من الصندوق العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، والبنك الإسلامي للتنمية، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي، وعدد من منظمات الأمم المتحدة الإقليمية مثل مكتب اليونسكو بالقاهرة، والاسكوا، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وعدد من المنظمات والجمعيات العالمية والعربية مثل المركز الدولي للزراعة الملحية، والاتحاد العالمي للتحلية، وجمعية التحلية الأوروبية، وجمعية مرافق المياه العربية، وجامعة الخليج العربي. وكان تحت شعار «المياه في دول مجلس التعاون.. التحديات والحلول المبتكرة»، وضمت قائمة المشاركين في المؤتمر نخبة مميزة من الخبراء الإقليميين والعالميين في مجال المياه، بالإضافة إلى ممثلي المنظمات العالمية والإقليمية الداعمة للمؤتمر. ونعرض في هذا المقال بعض ما ناقشه المؤتمر، حيث تم عرض مجموعة منتخبة من الأبحاث والأوراق العلمية الرصينة التي تعكس حجم التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الامن المائي، وارتباطاتها بمختلف القضايا الفنية والتقنية والإدارية والاقتصادية، فقد ركز على موضوعات إدارة المياه الجوفية والسطحية وتحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي وإدارة المياه في القطاعات الرئيسية المستهلكة (البلدية والزراعية والصناعية) وكذلك في قطاع النفط، فضلا عن القضايا المرتبطة بها كالصحة والبيئة وتأثيرات تغير المناخ على المياه، فيما مثلت قضايا الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات المائية الجسيمة التي تواجه دول المجلس الهاجس الأكبر في المؤتمر، إذ إن التنظير والصياغات الفكرية المجردة على الرغم من أهميتها في رسم طريق المعالجة، إلا أنها غير مجدية إن لم تقترن بابتكارات ومقترحات ونماذج عملية قابلة للتطبيق، حيث إن المرحلة التنموية الراهنة التي تمر بها دول المجلس تؤدي إلى نمو الطلب المتسارع على المياه، وبما انها تعاني من محدودية عرض مواردها المائية المتجددة، فسيقود ذلك إلى المزيد من التحديات، فمثلا شهدت الفترة (2009 – 2017)م ارتفاع الطلب على المياه في المملكة العربية السعودية الدولة الأكبر في منظومة مجلس التعاون الخليجي من (17.6) مليار متر مكعب، إلى (23.4) مليار متر مكعب، فقد ارتفع الاستهلاك البلدي بنسبة 48 % خلال هذه المدة، بينما نما استهلاك القطاعين الزراعي والصناعي بنسبة 30.2%، 40.0% على التوالي، كما يظهر من بيانات وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، علما ان المملكة حققت نجاحات كبيرة في مجال تحلية مياه البحر، حيث وفرت محطات التحلية نحو (2.2) مليار متر مكعب في عام 2017م، أسهمت في تلبية نحو 69 % من إجمالي استهلاك المياه البلدية. إلا ان تعقد الواقع الراهن وتزايد الطلب على المياه لا يتيح مزيدا من الوقت للاستغراق في التنظير والتوصيات الإعلامية العامة التي اعتدنا عليها في المؤتمرات، وهذا ما نجح فيه مؤتمر الخليج الثالث عشر للمياه إلى حد بعيد، حيث طغت السمة العملية والابداعية على ما تم طرحه من أوراق وأفكار ومناقشات خاصة أن مشاريع الأمن المائي القائمة في دول المجلس في الوقت الراهن لا تفي بالمطلوب ولا تؤمن المستقبل المنظور، وغير كافية للاستجابة للمتغيرات المتسارعة في الامن المائي كما بدا ذلك واضحا من جلسات المؤتمر والاهتمام النوعي والمؤسسي الكبير به. كما أضافت الجلستان الحواريتان اللتان عقدتا على هامش المؤتمر، وتناولتا أهداف التنمية المستدامة ذات العلاقة بالمياه، وتأثير تغير المناخ على الموارد المائية في المنطقة، المزيد من الحماس لتحفيز الهيئات المعنية وأصحاب القرار في دول المجلس للإسراع بتنفيذ الحلول التقنية والإدارية التي ناقشها المؤتمر، للحد من التداعيات السلبية التي يمكن أن تلحق بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس جراء تعقد وتداخل متغيرات مشكلات المياه، فالمناخ القاحل يزيد حدة ندرة المياه، كما يفاقم التغير المناخي المتوقع مخاطر ندرة المياه، وأن أمننا الغذائي مهدد بالخطر مادام أمننا المائي في خطر. الأمر الذي يتطلب من دول المجلس وضع ميزانيات سخية للإنفاق على الابتكار والتطوير في مجالات تقنيات المياه، وتأهيل الموارد البشرية الوطنية المتخصصة في هذه المجالات، مع الاهتمام بمراكز ومعاهد الأبحاث والدراسات التطبيقية المعنية بالمياه. وللحديث بقية في مقال قادم بعون الله وتوفيقه.

مشاركة :