عائشة الكعبي: لا شيء يختزل الوجع إلا الشعر

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في اليوم العالمي للتوحد، لا نملك غير الدعاء بأن يمنح الله تعالى ثوب السلامة والعافية لكل طفل، وأن يمد الأمهات بالقوة والشجاعة والصبر الجميل لرعاية أبنائهن المرضى. وننفذ اليوم إلى التوحد من خلال المجموعة الشعرية التي أصدرتها حديثاً الشاعرة الإماراتية عائشة الكعبي بعنوان «نصوص خالية من الغلوتين» التي دفعتني إلى تناول هذا الموضوع الصحي والاجتماعي والإنساني المؤثر، خاصة أن هذه الأم الصابرة كانت مشغولة برعاية ابنها طوال مدة غيابها عن الساحة الأدبية بين أميركا والإمارات. سألت عائشة عن سر هذه النصوص الوجدانية التي تجمع بين بوح الشعر والسرد النثري، فقالت: ثمة أوتار روحانية تتدرج في مواقعها حسب عمق المشاعر الغائرة في النفس البشرية، وبالنسبة لي الشعر هو ذاك الوتر الذي يضرب عميقاً في جذور مشاعري. نغمة حياتي السائدة منذ أن تم تشخيص ابني الأصغر «علي» بأن لديه اضطراب التوحد، وهذه المشاعر لا يمكن دوزنتها إلا على وتر الشعر، فهو الوحيد القادر على اختزال الوجع وليس الرؤية. وعن هذا الغياب تقول عائشة الكعبي: في كل مرحلة من مراحل العمر، علينا أن نتوقف لنعيد ترتيب أولوياتنا، مشيرة إلى أن ابتعادها عن الساحة نجم بداية عن مرض أصابها بعد الولادة، لكنها توضح أن انقطاعها التام جاء بعد أن ظهرت على ابنها «علي» علامات التوحد، وفي مواجهة ذلك رأت أن الحياة بأسرها تأجلت في سبيل دفع عجلة «علي» نحو الشفاء، بإذن الله. وفي رد لها على سؤال: أين يقف المثقف العربي من القضايا الإنسانية ولماذا لا يوجد اهتمام من قبل المثقفين بأحوال الأسرة وقضايا المجتمع؟ تقول: القضايا الإنسانية تشكو من ندرة تناولها وتسليط الأضواء عليها، وهذا لا يقتصر على الثقافة العربية فحسب، وإنما هو السائد عالمياً. لكن العالم لا يخلو من بعض المستنيرين هنا وهناك. فالإنسان يظل يعتقد أن هذه القضايا بعيدة عنه حتى تمسه هو شخصياً أو من يحب. وهنا يتحول المرء إلى داعية لهذه القضية، وإن كان قبل ذلك لا يلتفت لها. وتؤكد الكاتبة أن العبرة هنا بتسخير ما وهبنا الله لتوعية المجتمع بمعاناة هذه الفئات، وهذا ما حدث معها شخصياً. ومن خلال تجربتها بين الإمارات وأميركا، كيف ترى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية، خاصة ذوي الحاجات الخاصة، تقول: في إماراتنا الحبيبة لا يخفى على أحد أن القيادة الرشيدة هي السباقة في قلب موازين الوعي الجمعي للنمط الإيجابي، كما فعلت حين حولت تعبير ذوي الإعاقات إلى ذوي الهمم، وهذه نعمة عظيمة نلمسها ونتمنى من الله أن يديمها علينا، ونتمنى أن نراها تتمدد لتشمل جوانب الحياة كافة، فالحكومة بادرت، لكن نتمنى من القطاعات الأخرى من رجال الأعمال والفنانين والإعلاميين وغيرهم أن يساهموا في جعل حياة هذه الفئة أكثر راحة وسعادة. أما كيف جاءت فكرة كتابة هذه الخواطر والهواجس الشعرية، فتوضح قائلة: إن ما جعلني أعمد إلى كتابة هذه الأشعار باللغتين العربية والإنجليزية هو تجاوبي مع البيئة التي كنت فيها، حيث سافرت إلى أميركا لعلاج ولدي، وهناك تعرفت على أمهات مناضلات لعبن دوراً أساسياً في مساعدتي على تلمس طريق الشفاء المرتقب، بإذن الله. وتلفت النظر إلى أن من المهم بمكان بالنسبة لها أن تقرأ هذه الأمهات العزيزات وغيرهن كلماتها ونصوصها، مؤكدة أن الأهم ألا تشعر أي أم تخوض غمار هذه المعركة بأنها وحيدة، أياً كانت لغتها.

مشاركة :