التكلفة المستترة للرعاية غير مدفوعة الأجر «1من 2»

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يقع الجانب الأكبر من أعباء الرعاية غير مدفوعة الأجر على كاهل النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، ما يقلل من الوقت المتاح لحصولهن على التعليم والترفيه ومشاركتهن في الحياة السياسية والأعمال مدفوعة الأجر وغير ذلك من الأنشطة الاقتصادية. ومعظم هذه الأعباء تتمثل في رعاية أفراد الأسرة وأداء الأعمال المنزلية. وتستغرق أعمال الرعاية تلك وقتا طويلا في معظم البلدان، ولا سيما البلدان التي تعاني فقر البنية التحتية ومحدودية الخدمات العامة أو غيابها. وتزداد أعباء الرعاية خصوصا في المناطق الريفية والمجتمعات التي تتزايد فيها أعداد المسنين. ويمكن أن تؤدي هذه الأعباء إلى الحد من مشاركة النساء في الأنشطة السوقية وتركزهن في الأعمال منخفضة الأجر أو غير الرسمية أو التي يتم أداؤها من المنزل بغرض الموازنة بين أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل مدفوع الأجر. ويسهم التمثيل غير المتناسب للنساء في الأعمال منخفضة الأجر وغير الرسمية في وجود فجوات في الأجور بين الجنسين تؤدي إلى الانتقاص من قيمة عمل المرأة وزيادة أعداد العاملين الفقراء. لذلك فإن التمكين الاقتصادي للنساء يعتمد اعتمادا أساسيا على ضمان عمل كريم لهن وإيجاد حل للمشكلات المتعقلة بالرعاية غير مدفوعة الأجر. ولمواجهة هذه المشكلات، تعاون المركز الدولي لبحوث المرأة مع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير في بحث الأثر المحتمل للاستثمار في خدمات الرعاية والحد من أعباء الرعاية على زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. ويتمثل الهدف من هذا المشروع في معرفة ما إذا كان القطاع الخاص يقوم بتحديد وتلبية احتياجات ومسؤوليات الرعاية بوصفها عوامل مهمة تحد من القدرة على تعيين النساء والاحتفاظ بهن وترقيتهن، وكيفية قيامه بذلك. ويتضمن المشروع في جزء منه التنبؤ بالتأثير في نسب مشاركة المرأة في القوى العاملة في حالة تلبية القطاعين العام والخاص لاحتياجات الرعاية بشكل أكثر فعالية. ومن المعروف لنا أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة أعلى من نسبة مشاركة النساء في جميع البلدان التي يمارس فيها البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير أنشطته، حيث يبلغ متوسط الفجوة 21 في المائة ويرتفع متوسط الفجوة في بلدان جنوب وشرق المتوسط، حيث يبلغ 49 في المائة وباستخدام الدراسات القطرية الأخيرة التي تقيس التغير في نسب مشاركة المرأة في القوى العاملة نتيجة تغير أسعار خدمات رعاية الأطفال، يمكن تقدير أثر الاستثمار في هذه الخدمة. فاستنادا إلى هذه الدراسات، يمكننا أن نفترض أن في حالة تخفيض أسعار خدمات رعاية الأطفال بنسبة 50 في المائة، فإن نسبة الأمهات في عرض العمالة سترتفع بنسبة 6 إلى 10 في المائة. وقد تم إعداد نموذج انحدارات قطرية مقارنة لتقدير العلاقة بين فجوة المشاركة في القوى العاملة وتكلفة الرعاية في بلدان البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، وتشير التقديرات إلى أن زيادة نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم قبل الابتدائي (كنسبة مئوية من إجمالي الناتج المحلي) بمقدار نقطة مئوية واحدة من شأنها الحد من فجوة المشاركة في القوى العاملة بنحو عشر نقاط. وباستخدام هذه العلاقة، أعددنا تنبؤات عن حجم فجوة المشاركة في القوى العاملة في كل من بلدان البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير بعد زيادة المصروفات على التعليم قبل الابتدائي بنسبة 1.5 في المائة من مجموع إجمالي الناتج المحلي، وهي أعلى نسبة استثمار في بلدان البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وسيؤدي ذلك إلى تخفيض متوسط فجوة المشاركة في القوى العاملة من 21 إلى 6.5 نقطة مئوية. وتتحقق المكاسب الأكبر على الإطلاق على صعيد مشاركة المرأة في القوى العاملة في بلدان مثل مصر والأردن وقيرغيزستان وطاجيكستان حيث ينخفض متوسط الفجوة إلى 13.5 نقطة مئوية مقابل 49 نقطة مئوية. تختلف كيفية سد الفجوة في مشاركة النساء في القوى العاملة من خلال الاستثمار في خدمات رعاية الأطفال والجهة المتكفلة بدفع تكاليف الرعاية حسب مجموعة البلدان المتأثرة. ويركز مشروعنا مع البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير على مصر وكازاخستان ورومانيا وتركيا، وينظر فيما إذا كان القطاع الخاص معترفا بأن عدم إيجاد حل لاحتياجات الرعاية يؤثر في قدرته على تعيين النساء والاحتفاظ بهن وترقيتهن. وقد بحثنا في حجم الفجوة بين الجنسين في البلدان التي يغطيها المشروع فيما يتصل بمقدار الوقت المخصص للعمل المدفوع وغير المدفوع، وتعمقنا في دراسة الأعراف والتقاليد الاجتماعية المرتبطة بقضية الرعاية -من يؤدي خدمات الرعاية، ومن الذي ينبغي أن يؤديها، ودور الرجل. ودرسنا كذلك التشريعات والسياسات والقواعد التي تنظم خيارات الرعاية المتاحة في البلدان الأربعة. وتختلف سياسات الرعاية التي تمت دراستها ما بين تقديم خدمات الرعاية وتوفير البنية التحتية ذات الصلة مباشرة، وتقديم الدعم المالي، والخصومات الضريبية، والخصومات على خدمات الرعاية، وجميعها سياسات قد تسهم في توسيع نطاق تقديم خدمات رعاية الأطفال والمعالين وتقليل تكلفتها. ودرسنا أيضا سياسات وقواعد العمل، كسياسات الإجازات وغيرها من ترتيبات العمل الداعمة للأسر، وسياسات قطاعي التعليم والصحة، والسياسات الاقتصادية الكلية التي يتحدد على أساسها الحيز المالي المتاح لتقديم خدمات الرعاية. ونظرا لتركيز البحث على القطاع الخاص، اهتم التحليل على وجه الخصوص بما إذا كانت التشريعات الحالية تنظم ممارسات الرعاية في القطاع الخاص وتشجع أم تحد من مشاركة القطاع الخاص في تقديم خدمات الرعاية، والآليات التي تستخدمها هذه التشريعات في هذا الشأن ... يتبع.

مشاركة :