بالأمس قدم الرئيس الجزائري «عبدالعزيز بوتفليقة» استقالته من رئاسة جمهورية الجزائر، ليجنب بلاده وشعبه ويلات فتنة وتداعيات أزمة، مستفيدا من دروس وقعت في عدد من دول شمال إفريقيا، وليكون في عداد الرؤساء العرب القلائل الذين يقدمون استقالتهم قبل أي أمر آخر. بيان استقالة «بوتفليقة» سيظل من الوثائق التاريخية في الوطن العربي، التي سيتوقف عندها كل دارس وباحث في الشؤون السياسية العربية، ويستحق ذلك البيان القراءة والتمعن، حيث جاء فيه: «دولة رئيس المجلس الدستوري.. يشرفني أن أنهي رسميا إلى علمكم أنني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيسا للجمهورية، وذلك اعتبارا من تاريخ اليوم الثلاثاء 26 رجب 1440 هجري الموافق 2 أبريل 2019. إن قصدي من اتخاذي هذا القرار إيمانا واحتسابا هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم، لكي يتأتى لهم الانتقال جماعيا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه، طموحا مشروعا. لقد أقدمت على هذا القرار حرصا مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب، وياللأسف، الوضع الراهن، واجتناب أن تتحول إلى انزلاقات وخيمة المغبة على ضمان حماية الأشخاص والممتلكات، الذي يظل من الاختصاصات الجوهرية للدولة. إن قراري هذا يأتي تعبيرا عن إيماني بجزائر عزيزة كريمة، تتبوأ منزلتها، وتضطلع بكل مسؤولياتها في حظيرة الأمم. لقد اتخذت، في هذا المنظور، الإجراءات المواتية، عملا بصلاحياتي الدستورية، وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة، وسلامة سير مؤسساتها، أثناء الفترة الانتقالية، التي ستفضي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية. يشهد الله جل جلاله على ما صدر مني من مبادرات وأعمال وجهود وتضحيات، بذلتها لكي أكون في مستوى الثقة التي حباني بها أبناء وطني وبناته، إذ سعيت ما وسعني السعي من أجل تعزيز دعائم الوحدة الوطنية، واستقلال وطننا المفدى وتنميته، وتحقيق المصالحة فيما بيننا، ومع هويتنا وتاريخنا.. أتمنى الخير، كل الخير، للشعب الجزائري الأبي». إلى هنا ينتهى نص بيان استقالة «بوتفليقة».. لتبدأ بعدها الجزائر الشقيقة مرحلة وطنية غاية في الأهمية والحساسية، ونأمل أن تتمكن الجزائر الشقيقة برجالها وحكمائها من حماية الجزائر، وضمان أمنها واستقرارها، والحفاظ على أرواح شعبها، وممتلكات الوطن ومنجزاته. الجزائر بلد عربي.. له تاريخ مجيد وعريق.. ويشهد تطورا بارزا في العديد من المجالات.. وعروبة شعبه ليست قابلة للمزايدة.. قد تكون الجزائر قد مرت بمراحل صعبة، هي أصعب من استقالة «بوتفليقة»، ونحن على ثقة بقدرة الجزائريين على تجاوز هذه المرحلة بكل سلامة ووحدة وطنية، وصولا إلى الغد الأفضل للجزائر. كل التمنيات المخلصة والصادقة أن يحفظ الله تعالى الجزائر، وطنا وشعبا، وأن تبقى دائما وأبدا آمنة مستقرة ومتطورة.
مشاركة :