بغداد: زيدان الربيعيأخيراً اقتنع الساسة العراقيون أنه لا مناص من العودة للحضن العربي والانفتاح على أشقائهم العرب، بعد أن أمضى أغلب ساسة العراق بعد عام 2003 أوقاتاً طويلة يُديرون ظهورهم للعرب، ولم يكتفوا بذلك فقط، إنما فتحوا أبواب بلدهم على مصراعيها أمام إيران التي استطاعت بمكر كبير أن تبعد العراق عن حاضنته العربية.أولى هذه الخطوات، بل وأهمها، هو ما قامت به الحكومة العراقية السابقة برئاسة حيدر العبادي من خلال فتح خط التواصل مع المملكة العربية السعودية، وكذلك ما قامت به الأخيرة من خطوات واسعة فعالة باتجاه التقارب مع العراق، وكانت النقطة الأهم في هذا الشأن، هي تأسيس المجلس التنسيقي العراقي السعودي.لقد قامت السعودية خلال اليومين الماضيين بخطوات جبارة جداً، من أجل مد جسور التعاون والتقارب مع العراق، من خلال تقديمها منحة قدرها مليار دولار بغرض بناء مدينة رياضية في أطراف بغداد، كهدية إلى الشعب العراقي من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وكذلك تعززت الخطوة بفتح القنصلية السعودية في بغداد على أن تتبعها خطوات أخرى بفتح قنصليتين أخريين في البصرة والنجف. وفضلاً عن ذلك، فإن زيارة الوفد السعودي الكبير إلى بغداد برئاسة وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصبي، وجدت ترحيباً غير مسبوق من قبل معظم الكتل السياسية في العراق، بينما وجهت انتقادات شديدة اللهجة تجاه بعض الأصوات النشاز التي أرادت أن تُبقي العراق بعيداً عن أشقائه العرب، وهو ما يشير إلى أن الساسة العراقيين قد استوعبوا الدرس وباتوا على قناعة تامة بأن العراق لن ينفعه غير أشقائه العرب.خطوات عراقية أخرى باتجاه العودة إلى الحضن العربي ستتم من خلال الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى الرياض خلال الشهر الحالي، وستشهد توقيع اتفاقيات جديدة بين العراق والسعودية، لعل أهمها تزويد العراق بالطاقة الكهربائية من قبل السعودية؛ الأمر الذي سيجعل العراق يتخلص من الهيمنة الإيرانية في ملف الطاقة التي تبرز عادة مع اشتداد حرارة الجو في فصل الصيف.إن ما قامت به السعودية من خطوات موفقة تجاه العراق، وما قام به العراق من توقيع اتفاقيات ثنائية وثلاثية مهمة مع الأردن ومصر في الشهر المنصرم، هو إشارة صريحة وواضحة جداً، إلى أن العراق عاد بكل قوة لينعم بدفء حضن أشقائه العرب بعد ابتعاد طويل بسبب سياسات الحكومات العراقية السابقة التي لم تستطع التوجه نحو العرب، وإنما إدارة بوصلتها نحو إيران. ويرحب الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه بخطوة التقارب الجدي الكبير الذي حصل بين العراق والسعودية، ويتمنى أن يكون الانفتاح بشكل أكبر ليشمل معظم دول مجلس التعاون الخليجي والبلدان العربية الشقيقة الأخرى.
مشاركة :