اتهم عدد من نواب المعارضة التونسية رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالتورط في إغراق البلاد في الفساد باسم «الحرب على الفساد»، وذلك خلال مؤتمر صحافي نظموه أمس بمناسبة انعقاد جلسة مساءلة للشاهد أمام البرلمان، على خلفية وفاة 15 رضيعا الشهر الماضي داخل مركز التوليد وطب الرضيع بمستشفى الرابطة بالعاصمة التونسية.وقالت سامية عبو، النائبة عن حزب التيار الديمقراطي المعارض، إن الحكومة «تعمدت غض البصر عن عدد من ملفات الفساد في الحرب، التي أعلنها الشاهد ظاهريا على الفساد»، على حد تعبيرها.في السياق ذاته، أكد عمار عمروسية، النائب عن «تحالف الجبهة الشعبية» اليساري المعارض، أن جوهر الحرب التي أعلنها الشاهد على الفساد «هو في حقيقة الأمر فساد ونخر لأجهزة الدولة، وذلك عبر ابتزاز عدد من المتورطين في ملفات فساد وتركيعهم، إلى جانب وضع اليد على القضاء، واستعمال رجال جمارك مشبوهين بالفساد في هذه الحرب».وشكك عدد من النواب في نزاهة أعضاء اللجنة، التي شكلتها الحكومة للكشف عن ملابسات وفاة الأطفال الرضع، وقالوا إن بعضهم محط شبهات فساد، مثل وزيري العلاقة مع الهيئات الدستورية وأملاك الدولة والشؤون العقارية السابقين، ودعوا إلى فتح تحقيق في عدد من ملفات الفساد، ومتابعة رئيس الحكومة وبعض مساعديه بتهمة تورطهم في الفساد.وتزامنت الجلسة البرلمانية مع عدد من التوترات التي عرفتها قبة البرلمان، ومع وقفات احتجاجية خارج مبنى البرلمان، نفذها عدد من أصحاب سيارات الأجرة أمام مقر المجلس، تنديدا بالزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات. كما نفذ موظفو البرلمان وقفة احتجاجية ضد قرار منع عدد من موظفي المبنى الفرعي لمجلس نواب الشعب (البرلمان) من دخول مبنى البرلمان بسبب وجود تهديدات أمنية، ورفعوا شعار «الموظف لا يهان يا رئيس البرلمان». كما منع رجال الأمن الخاص برئيس الحكومة موظفي وعمال وكوادر مجلسي النواب والمستشارين من دخول المجلسين، كما منعت الاحتجاجات المطالبة بتسوية وضعهم المهني.وقبل انطلاق جلسة المساءلة داخل البرلمان، نفذ سائقو سيارات الأجرة، وقفة احتجاجية أمام البرلمان، بدعوة من «الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي» (منظمة نقابية مستقلة)، الذي ناشد نواب البرلمان بدفع الحكومة إلى التراجع الفوري عن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات. وفي هذا السياق قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي لـ«الشرق الأوسط» إن الأطراف السياسية تعيش حالة من الترقب الحذر «وتحكمها حاليا حسابات انتخابية قبل أشهر قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ومعظم الأطراف السياسية، سواء من أحزاب الائتلاف الحاكم أو أحزاب المعارضة، تبحث لها عن موقع، في ظل توقعات استطلاعات الرأي بأن تبقى حركة النهضة على رأس نوايا التصويت، متبوعة بحزب النداء الذي يتزعمه نجل الرئيس الحالي، وحركة تحيا تونس المنسوبة إلى الشاهد».وتوقع العرفاوي أن تشهد الأسابيع المقبلة توترات اجتماعية واقتصادية، نتيجة تذبذب أداء الاقتصاد، والقرارات المؤلمة التي قد تتخذها الحكومة للمحافظة على توازناتها المالية في ظل شح الموارد الذاتية. معتبرا أن اتخاذ الحكومة قرار الزيادة في المحروقات قبل أيام من عقد جلسة مساءلة برلمانية حول حدث صحي أثار الكثير من الجدل «كان خاطئا من حيث توقيت الإعلان عنه، وهو ما جعل التوتر الاجتماعي يغلب على مختلف مناحي الحياة في تونس»، على حد تعبيره.يذكر أن أغلب المنظمات الاجتماعية والنقابية التونسية، وفي مقدمتها اتحاد الفلاحين، ومجمع رجال الأعمال، والمنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك، نددت بقرار الزيادة في أسعار المحروقات، فيما دعت أحزاب سياسية تعارض سياسة الأسعار المعتمدة الحكومة إلى التراجع الفوري عن هذه الزيادة.
مشاركة :