لم يخفِ هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، خلال حوار تلفزيوني أجري معه الليلة قبل الماضية، تقاربه مع الائتلاف البرلماني المكون من أحزاب «النهضة» و«قلب تونس»، و«ائتلاف الكرامة»، مؤكداً التمسك بالاستقلالية كعنوان بارز لطبيعة حكومته التي نالت ثقة ممثلي هذا الائتلاف في البرلمان، وهو ما جعل عدداً من الأحزاب المعارضة تتهم حكومته بعدم الاستقلالية، والانحياز إلى طرف سياسي دون غيره. وفي معرض الدفاع عن رأيه، أبدى المشيشي اقتناعه بضرورة التعامل مع الائتلاف، الذي يملك أغلبية الأصوات في البرلمان ليكون حزاماً سياسياً داعماً لحكومته، دون البقاء على المسافة نفسها من الأحزاب الممثلة في المشهد السياسي، ودون الخضوع إلى خيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد، التي تتعارض في توجهاتها السياسية مع خيارات «النهضة» وحزب قلب تونس.في غضون ذلك، قالت الكتلة البرلمانية للحزب الدستوري الحر المعارض، إنها تقدمت إلى رئاسة البرلمان بمشروع للتنديد بتبييض الإرهاب، ودعت الحكومة إلى العمل على «تجفيف منابع الإرهاب، وتفكيك منظومة تمويله، وحل التنظيمات السياسية، والجمعيات الداعمة للعنف والفكر الظلامي المتطرف».وأكدت عبير موسي، رئيسة هذه الكتلة البرلمانية، أنها طالبت راشد الغنوشي، رئيس المجلس البرلماني، بعرض هذه اللائحة على الجلسة العامة لمناقشتها، والمصادقة عليها وفق ما ينص عليه الفصل 141 من النظام الداخلي للبرلمان.وتأتي هذه اللائحة بعد يوم واحد من إعلان محسن الدالي، نائب وكيل الجمهورية، بأن النيابة العامة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تعهدت بالتحقيق في تدوينة منسوبة إلى النائب المستقل راشد الخياري حول جريمة قطع رأس أستاذ فرنسي مساء الجمعة قرب باريس.وفي السياق ذاته، دعت «حركة مشروع تونس» إلى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب ضد النائب راشد الخياري، كما دعت وسائل الإعلام المحلية إلى مقاطعة الأنشطة، التي تقوم بها بعض الشخصيات المتطرفة والداعمة للإرهاب، وحمّلت الأطراف السياسية والبرلمانية، التي صمتت أمام حوادث «تمجيد الإرهاب» المسؤولية كاملة، واعتبرت صمتها «تشجيعاً للإرهاب والتطرف».على صعيد متصل، أعلنت الحكومة التونسية دعمها للمبادرة التشريعية، التي تقدم بها «ائتلاف الكرامة»، بخصوص تعديل المرسوم المتعلق بتنظيم القطاع السمعي والبصري، رغم ما تثيره هذه المبادرة من جدل، ورغم علم رئيس الحكومة المسبق بأن رئيس الجمهورية وعد بعدم توقيع المرسوم في حال المصادقة على تعديله في البرلمان، الذي اقترح التصويت عليه عن بعد.وكانت عدة أحزاب سياسية قد أكدت رفضها لهذا التعديل، وفي مقدمتها كتلة «الإصلاح الوطني»، و«الكتلة الديمقراطية»، وكتلة «تحيا تونس»، فيما لوحت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر بإقرار تحركات احتجاجية غير مسبوقة في حال التشبث باعتماد التصويت عن بعد للمصادقة على مقترح القانون المثير للجدل، الذي سيعرض اليوم (الثلاثاء) على أنظار النواب.وتطالب الكتل البرلمانية المعارضة بعدم عرض هذا المقترح على التصويت الإلكتروني، وتتمسك بتأجيل مشروع القانون وعرضه خلال جلسة عامة تنعقد وفق التدابير العادية للبرلمان، والاعتماد على التصويت الحضوري للنواب، سواء تعلق الأمر بتنقيح هذا المرسوم، أو غيره من مقترحات ومشاريع القوانين الخلافية.من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء ليلة أول من أمس إن الحكومة ستضخ 1.5 مليار دولار في الشركات الحكومية في إطار محاولة لإصلاح القطاع المتعثر، وإنها ستقدم دفعة جديدة من زيادات الأجور لموظفي الدولة، فيما يتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020، وهو أعلى مستوى خلال نحو أربعة عقود.وأوضح المشيشي أن حكومته خصصت 4 مليارات دينار للشركات العامة ضمن خطوات أولى لإصلاحها ومنحها «جرعة أكسجين». وقال إنه قرر أيضاً تقديم الدفعة الثالثة من زيادات الأجور لموظفي القطاع العام، احتراماً لالتزام الحكومة أمام الاتحاد العام التونسي للشغل.
مشاركة :