دراسة علمية لجمعية الصيادين تؤكد: «الكراف» ليس المتسبب الرئيس في نضوب الثروة السمكية

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت دراسة علمية لجمعية الصيادين المحترفين أعدها د. إبراهيم عبدالرحيم عبدالله عبدالقادر استشاري المصائد السمكية أن منع صيد الروبيان بشباك الجر القاعي «الكراف» غير مبرر، ولا يخدم الغرض الذي فرض من أجله قرار المنع، بل على النقيض يجلب نتائج عكسية ويتسبب في هدر ثروة سمكية مهمة وحرمان الصيادين منها وخلق أزمة اقتصادية واجتماعية ونفسية لشريحة كبيرة من الصيادين وتقويض لأهم مصيد في مملكة البحرين. واقترحت الدراسة التي حصلت «أخبار الخليج» على نسخة منها عددا من الإجراءات التنظيمية الممكن اتخاذها من أجل التخفيف من التأثيرات السلبية التي يحدثها مصيد جر الروبيان على الأسماك الزعنفية والسلاحف البحرية، وأشارت إلى أن الحل يكمن في التخفيف من الأثر وليس في المنع الكامل، معتبرا أن قطع الرأس لن يحل المشكلة بل يزيدها تعقيدا، وإذا كانت هناك دراسات حديثة تثبت وقوع تدهور في الثروات السمكية البحرينية بنسبة 90% وأن مصيد جر الروبيان هو المسبب الرئيس لهذا التدهور، فإنه قد أصبح الآن من الملزم نشر هذه الدراسات وتوفيرها للجمهور حتى تدحض الحجة بالحجة. وأشارت الدراسة إلى أن مصائد الروبيان في البحرين والخليج العربي تعتمد على نوع واحد من الروبيان يشكل 95% من إجمالي كميات الروبيان، وهذا النوع يعرف بروبيان النمر الأخضر، وأن من أهم مناطق صيد الروبيان في المياه البحرينية منطقة «أم الدود» في الشمال و«غميس» جنوب فشت العظم، لافتة إلى أن استغلال الروبيان في مياه مملكة البحرين بدأ في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي بثماني سفن حديدية مملوكة لشركة البحرين لصيد الأسماك، ثم ما لبث أن زاد حجم هذا الأسطول إلى 15 سفينة حديدية مكونا ما كان يعرف بالأسطول الصناعي، وهذا الأسطول هو أول من استخدم شباك جر الروبيان بنطاق تجاري، وبسبب تدني معدلات صيد الروبيان توقف نشاط صيد هذا الأسطول بنهاية سبعينيات القرن الماضي. وفي المقابل، تشكل في عام 1975 أسطول صناعي آخر مكون من سفن حديدية مملوكة من القطاعين العام والخاص تعمل بشباك الجر على مخزون الروبيان والأسماك الزعنفية. توقف نشاط هذا الاسطول في عام 1996م بشكل كامل نتيجة لمنع استخدام شباك جر الأسماك الزعنفية، وفي بداية سبعينيات القرن الماضي بدأ القطاع التقليدي بمحاكاة الأسطول الصناعي وزاول صيد الروبيان بشباك الجر. وأوضح أن القطاع التقليدي تمكن باستخدام البوانيش الأقل في كلفة التشغيل والصيانة من منافسة القطاع الصناعي وانفرد بالعمل في مصيد جر الروبيان، كما استقطبت القيمة الاقتصادية المرتفعة للروبيان سفن القطاع التقليدي الكبيرة (البوانيش) للعمل في مصيد جر الروبيان، حيث كانت استثمارات الصيد الأكبر. استمرت البوانيش بنجاح في صيد الروبيان بالجر فترة تناهز نصف قرن حتى وقت صدور قرار منع الكراف (شباك الجر) في نوفمبر 2018. وأشارت الدراسة إلى أن أعداد البوانيش المرخص لها بصيد الروبيان بشباك الجر ناهزت الـ300 بانوش، ويدل هذا على ان عددا كبيرا من الصيادين يعتمدون بشكل مباشر على هذا المصيد الاقتصادي الأهم، إضافة إلى آخرين يعتمدون بشكل غير مباشر (خلال عمليات التداول والبيع والتصنيع)، موضحة أن صيد الروبيان لا ينفك على شباك الجر (الكراف)، كما أنها الوسيلة الوحيدة لإنتاج كميات الروبيان، فهي أيضا الوسيلة الوحيدة في انتاج كميات أم الروسان التي تنزل عادة في الفترة من نوفمبر إلى يناير، وكذلك معظم كميات الخثاق التي تنزل في الفترة من ديسمبر إلى فبراير تأتي من شباك جر الروبيان. وأوضحت أن اقصى انتاج سنوي من الروبيان في مملكة البحرين حوالي 3500 طن، فيما يبلغ في المملكة العربية السعودية 10000 طن من الخليج العربي و600 طن من البحر الأحمر، وفي الكويت 5000 طن. وتطرقت الدراسة إلى أنه في أكتوبر 2018 طالعتنا وسائل الإعلام المحلية عن خبر بتدهور ثروات مملكة البحرين السمكية بحسب دراسة وصفت بأنها منشورة، ولو لم تنشر هذه الدراسة ما تحدث الناس عن هذا الأمر وما أدراهم به. وفي خبر لاحق أكدت السلطة المعنية أن المتسبب في هذا التدهور هو شباك جر الروبيان القاعية، وفي ردة فعل سريعة، صدرت حزمة من الإجراءات التنظيمية في نوفمبر 2018، كان من ضمنها المنع النهائي والفوري للكراف «شباك حر الروبيان»، ولم تتضمن هذه الحزمة إجراءات تقييد او منع وسائل صيد أخرى، وهذا يدل على اعتقاد راسخ لدى السلطة المعنية بكون شباك جر الروبيان المتسبب الأكبر في استنزاف الثروات السمكية، موضحا أن هذا المنع الفوري والكامل للكراف (شباك الجر) تسبب في شلل كامل لأهم أسطول صيد في مملكة البحرين، حيث انعدمت وسيلة الصيد التي يعتمد عليها. واستندت الدراسة حول الأسماك الزعنفية في شباك جر الروبيان (الكراف) إلى نتائج دراسة أخرى منشورة في عام 2002، مشيرة إلى أنه في الحقيقة وفي أغلب الأحيان من غير الممكن الحصول على تقدير لنسبة تأثير مصائد جر الروبيان على الأسماك الزعنفية؛ أي من غير الممكن القول إن مصيد جر الروبيان يؤثر بنسبة كذا أو كذا على مخزون نوع من الأسمال الزعنفية، وذلك لكون هذه النتيجة تتطلب تقدير مجموع أعداد المجندات (الأفراد الجديدة التي تدخل مناطق الصيد في السنة)، ومجموع اعداد الأفراد التي أخذت في شباك جر الروبيان في موسم او عام واحد، ولكن يمكن الاستدلال على تأثير مصيد جر الروبيان من خلال مراقبة الكميات السنوية المنزلة (التي ترد مرافئ الصيد) من النوع خلال فترة عمل مصيد جر الروبيان. وبين أن إنزال البدح السنوي فترة 14 عاما من عمر مصيد جر الروبيان (1980 إلى 2002) رصد تذبذبا في إنزال البدح السنوي من دون وجود اتجاه تناقصي، وهذا يعني أن مصيد جر الروبيان لم يكن العامل الرئيس المؤثر على مخزون البدح، ومن ثم على إنزال البدح، بل إن هناك عوامل أخرى كان لها التأثير الأكبر على إنزال البدح، وإذا كان هذا هو الحال مع البدح وهو الأكثر وفرة في صيد الروبيان الجانبي، فإن تأثير شباك جر الروبيان (الكراف) على الأنواع الأخرى هي من ثم أقل بكثير وتكاد تنعدم بالنسبة إلى الأنواع التجارية الرئيسية، مثل الهامور والكنعد، فضلا عن بعض الأنواع الرئيسية الأخرى التي لم تسجلها الدراسة مثل الصافي. وشددت الدراسة على أن مصيد جر الروبيان (الكراف) لا يمكن أن يكون المتسبب الرئيس في نضوب ثروات الأسماك الزعنفية، وأن هناك عوامل أخرى أكثر تأثيرا يجب أن تؤخذ في الحسبان، وأن تأثير مصيد جر الروبيان هو أقل بكثير من التأثير المباشر لجهود الصيد المبذولة في مصايد الأسماك الزعنفية المذكورة، وهذا لا ينفي أن يكون لمصيد جر الروبيان تأثير على مخزونات الأسماك الزعنفية، ولكن هذا التأثير يعتبر محدودا ويأتي ضمن دائرة المسكوت عنه، وذلك لكون الفقد المحدود من الأسماك الزعنفية يعوض عنه بمنتج آخر (الروبيان) هو أكبر بكثير من حيث الكمية والأهمية الاقتصادية. ولفتت إلى أن المسكوت عنه هو سلوك شائع في أنشطة البيئة البحرية، لكون هذا المسكوت هو مجلبة لمنافع أكبر، ومثال على ذلك ردم السواحل واستخراج الرمال، فأضرار هذه الممارسات واضحة للعيان في فقد وتدمير بيئات بحرية، ولكن يسكت عن هذه الأسرار المحدودة في سبيل تحقيق عوائد اجتماعية واقتصادية أكبر بكثير. وهذه ليست دعوة إلى ترك الحبل على الغارب بالنسبة إلى مصيد جر الروبيان، ولكن هناك إجراءات وتدابير يمكن أن تتخذ من أجل التخفيف من تأثير مصيد جر الروبيان، منها على سبيل المثال حصر الكراف على المناطق العميقة (أم الدود وغميس) حيث يتوفر الروبيان الكبير، والسماح بالكراف فترة ستة أشهر في السنة (من أغسطس إلى يناير) واستخدام شباك الجر بتصميم خليج المكسيك المسطح وتعيين المواصفات العليا والدنيا وزيادة حجم عيون الشبكة إلى 2 بوصة وإدخال التحويرات على شباك الجر لغرض السماح للأسماك الصغيرة بالهروب من الشبكة خلال عملها، وكذلك إلزام الصيادين بالتدوين اليومي الكامل للصيد. أما بالنسبة إلى السلاحف البحرية في شباك جر الروبيان فقالت الدراسة إن قضية وقوع السلاحف البحرية وخصوصا السلاحف الخضراء في شباك جر الروبيان هي قضية عالمية تتكرر في معظم مصايد الروبيان الاستوائية وشبه الاستوائية، ونظرا إلى الأهمية الاقتصادية الكبيرة للروبيان فإن قضية وقوع السلاحف في شباك الجر لم تكن مبررا لوقف أنشطة صيد الروبيان بالجر، بل انها حفزت دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية على اجراء البحوث والتجارب لإيجاد الحلول التقنية التي تخفف من تأثيرات مصايد جر الروبيان على السلاحف البحرية وتحافظ على مورد الروبيان الاقتصادي المهم وانتهت هذه البحوث إلى مواصفات مناسبة لأجهزة إبعاد السلاحف البحرية وتم شرعنتها ضمن إجراءات تنظيم مصايد الروبيان الأمريكية والأسترالية وإلزام صيادي الروبيان باستخدامها، وتعمل هذه الأجهزة على تمكين السلاحف البحرية من الهروب من الشبكة خلال عملها بالصيد. ومما ينبغي الإشارة إليه أنه لا يمكن استخدام أجهزة ابعاد السلاحف هذه بشكل مباشر في المياه البحرينية. وهذا يعتمد بشكل كبير على الظروف المحلية لمصيد جر الروبيان، لأن شباك جر الروبيان المستخدمة في البحرين صغيرة مقارنة بتلك المستخدمة في المصايد الأمريكية والاسترالية، فهذه الشباك لا توفر المساحة الكافية لخروج السلاحف، وخصوصا السلاحف الخضراء التي تصل إلى أحجام كبيرة، ولكن في الجانب الآخر هنالك العديد من الإجراءات الممكن تطبيقها والتي من شأنها التخفيف أو إلغاء تأثير مصيد جر الروبيان البحريني على السلاحف البحرية، وتشمل: تحديد الحد الأقصى لفترة رمية الصيد بألا تجاوز الـ90 دقيقة، وتوعية الصيادين بطريقة التعامل مع السلاحف المصادة وارجاعها بشكل آمن إلى البحر، وتجنب مناطق الوفرة العالية للسلاحف (يتطلب دراسة تعتمد على دفاتر الصيادين والمسح بالاستبيان لتعيين المناطق)، وتنفيذ برنامج رصد تفوق السلاحف وفق أسلوب معاينة عياري (هذا مؤشر على فعالية الإجراءات المتقدمة)، وتدوين وقوع السلاحف بشكل يومي وتفصيلي في دفاتر الصيادين.

مشاركة :