ومن الشعر ما قتل! المتنبي أنموذجاً

  • 4/6/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تبوأ عديد من الشعراء مقامات رفيعة بعذوبة وفصاحة قصائدهم، حيث أثرت دواوين الشعر والأدب العربي، وبقيت إشعاعاً وإرثا ثقافيا وحضاريا تناقلته الأجيال في كتب التاريخ. "مَلَكة الشعر" اكتسبوها وأشعلوا بها فتيلة السِراج؛ لتضيء المعارف والفنون الإنسانية، ورغم ذلك، أدت ببعضهم إلى الهلاك، حيث فقدوا حياتهم على إثرها، تاركين وراءهم أعمالا ممتدة قرونا. ويعد أحمد بن الحسن أبو الحسين، المشهور بالمتنبي، ركيزة من ركائز الأدب العربي، ذاعت قصائده في دولة بني العباس، وتعاقبت السنون ولا تزال أبياته خالدة تتناقل بين الناس، شغف المتنبي بالقراءة والحفظ واللغة العربية، وأنشأ حبه للتعلم شاعرا عبقريا. واتسمت شخصيته بالكبرياء، والفخر، والشجاعة، وحب المغامرات، أثناء تفكك وضعف الدولة العباسية نشأ أبو الطيب، واستطاع أن يكون مفخرة للشعر العربي. لم تكن نهاية المتنبي سعيدة، حيث ذكرت مصادر تاريخية أن فاتك بن أبي جهل الأسدي خَرج للمتنبي في طريق عودته إلى الكوفة لقتاله؛ لأن المتنبي هجا خال فاتك؛ حيث قال المتنبي: مَا أنصَفَ القَومُ ضبّه وَأمهُ الطرْطبّه** وإنّما قلتُ ما قُلــتُ رَحمَة لا مَحَبه. وحاول المتنبي أن يفر من المبارزة، لكن شاهده ابنه، وقال له: "ألست القائل؟ الخيل والليل والبيداء تعرفني ** والسيف والرمح والقرطاس والقلم" أعادت كلمات ابن أبي الطيب، والده إلى أرض المعركة حتى لا يذكر أنه هرب، فقاتل حتى قُتل. ويعتبر طرفة بن العبد أشهر وأفضل شعراء الجاهلية، وقد تميز بطبعه الحاد وذكائه، يعتد به من أفذاذ شعراء العرب، وله معلقة بلغت أبياتها مئة وثلاثة أبيات، وتدور أغراض طرفة الشعرية حول: الهجاء، والفخر، والوصف، والحكمة، ومن أبياته: أرى الموتَ إعداد النفوسِ ولا أرى ** بعيدًا غدا ما أقرب اليوم من غد! وذكرت مراجع تاريخية، أن طرفة ضاقت به الأحوال ليجد نفسه مع خاله المتلمس في بلاط ملك الحيرة عمرو بن هند، مع مرور الأيام هجا شاعر المعلقة ملك الحيرة عمرو، ما جعل الأخير يكتب رسالة يأخذها طرفة وخاله المتلمس إلى المكعبر خادمه في عمان والبحرين، وعند ذهابهما رأى المتلمس غلاما من أهل الحيرة فطلبه أن يقرأ الرسالة التي يحملها، وتضمنت "من عمرو بن هند إلى المكعبر .. إذا جاءك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه ورجليه، وادفنه حياً"، وألقى المتلمس الصحيفة في النهر، وطلب من طرفة فعل ذلك أيضاً، إلا أن الشاعر رفض ذلك وذهب للمكعبر، وانتهت حياة الشاعر الجاهلي العظيم صاحب إحدى المعلقات السبع بصورة مأساوية، حيث قُطعت أطرافه ودفن حياً.

مشاركة :