في مسرحية عطيل الشهيرة قدم شكسبير شرحًا وافيًا لمرض الشك بشكل كامل تقليدي، من خلال شخصية البطل عطيل عندما أكلته الشكوك و نار الغيرة فتحول إلى شخص مجنون فقد ارتباطه بالواقع و انعكست شكوكه على نمط حياته فقام بقتل زوجته. و من هنا أتى مسمى متلازمة عطيل عند البعض، أو ما نسميه بالغيرة المرضية التي تعزز من الانفعالات السلبية لدى الفرد فتشكل ضغطاً نفسياً يدمر حياته و علاقته بمن يحب. عادة قبيحة على درجة عالية من الخطورة والشك في إخلاص الشريك يصاحبها أوهام لا أساس لها من الصحة، وهي حالة نفسية تصيب الرجال والنساء والأطفال من مختلف الاعمار وتكون معالمها غير واضحة لكن اثارها كبيرة قد تؤدي إلى تصرفات عدوانية وانفعالات قاسية تفقد الشخص قدرته على التركيز و إن تطورت تتحول إلى مرض ذهاني يقض سكينة المريض. في ظل المتغيرات الاجتماعية التي طرأت على حياتنا مؤخرًا، و اختلاف تعاطي كل فرد مع ظروفه المحيطة حسب شخصيته، تنمو بعض العلاقات في دائرة الشك والحرص في التعرف على كل صغائر الأمور التي تحدث مع الشريك، لينتهي بعضنا مضطرًا للعيش بشعور مر يهدم كل ما يحيط به ويصيبه بحالة حزن تبدأ بسؤال ثم تمتد لتصبح حلقة من الأسئلة المقلقة يتبعها التصنت، التفتيش و أحياناً تصل الى المراقبة والتسجيل ليجد الطرف الآخر نفسه داخل أجواء مليئة بالشك الناتج عن عدم الثقة، الأمر الذي يكون له بالغ الأثر في حياته المستقبلية مع الشريك. و الشاهد هنا، لماذا يتسلل الشك الى نفوسنا حين نقيم سلوك من نحب..!!، وبالتالي هل حسن الظن وطيبة القلب تكفيان في التعامل، قال صلى الله عليه وسلم؛ “إياكم والظن” فإن الظن أكذب الحديث” و المراد هنا ليس ترْك العمل بالظن الذي تناط به الأحكام غالبًا، بل ترْك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به، و ما يقع في القلب بغير دليلٍ، وذلك أن أوائل الظنون ما هي إلا خواطر لا يمكن دفْعها، وما لا يُقدَر عليه لا يُكلَّف به، و في الحديث نهي واضح عن سوء الظن لما له من عواقب وخيمة تحيق بأهله. الغيرة من عوارض الحب المقبولة و المرغوبة أحيانًا إن كانت في حدود يتقبلها العقل البشري، لأنها بطريقة أو بأخرى تقوم بإيصال مشاعر المحب لحبيبه، أحبك و أريدك لي وحدي.. و الحب يتحمل البعد و المفارقات الفردية و يناضل ليبقى، لكن رصاصة شكٍ واحدة تصيبه بعاهةٍ مستديمة مدى الحياة إن لم تقتله. انعموا بحب من أحببتم فالحياة قصيرة، و إياكم و سوء الظن فإن بعضه إثم، و قبل أن تحكموا تبينوا أن تصيبوا من أحببتم بجهالةٍ، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.
مشاركة :