قال الكاتب الأميركي ماثيو برودسكي، إن علاقة النظام القطري المشبوهة بإيران، ودعمه غير المحدود لجماعة الإخوان الإرهابية فرضت واقعاً يتمثل بأنه «الحلقة الأضعف» في مشروع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإقامة تحالف عربي ضد النظام الإيراني، أو ما يسمى بـ«الناتو العربي». وفي مقاله بمجلة «ناشيونال ريفيو» الأميركية، أوضح الكاتب أنها فكرة جيدة نظرياً إقامة تحالف من الدول العربية يحمل اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي»، وإنشاء قوة عسكرية متعددة الجنسيات تهدف إلى أن تكون بمثابة حصن ضد العدوان الإيراني والإرهاب والتطرف. وأضاف أن مثل هذا التحالف سيسمح أخيراً للولايات المتحدة بتقليل أثرها في الشرق الأوسط، كما أوصت استراتيجية الأمن القومي لعام 2017، والسماح للبنتاجون بالتركيز على مخاطر في مناطق أخرى، مثل «الصين وروسيا» - وهما من الدول «الأربع الكبار»، التي تشكل أكبر خطر على الولايات المتحدة، وفقاً لآخر تقييم لمخاطر التهديدات العالمية الصادرة عن مجتمع الاستخبارات الأميركي. ومن المأمول أيضا أن تساعد مثل هذه الاتفاقية العسكرية العربية ذات الاكتفاء الذاتي في تحقيق بعض الاستقرار الذي تحتاج إليه المنطقة، وفقاً للكاتب. وقال برودسكي: أينما وجدت مصالح مشتركة وتهديدات مشتركة، يمكن لهذا التحالف أن ينجح، المثال الواضح هو منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي كانت موحدة لعقود من الزمن في مهمتها المتمثلة في إبقاء الاتحاد السوفيتي في وضع حرج، ومع ذلك، يثير هذا السؤال ما الذي يحدث إذا كانت إحدى الدول في التحالف الناشئ (قطر)، التي لا تنظر إلى التهديدات بشكل مختلف فحسب، ولكنها تشارك بنشاط في تقويض أعضاء التحالف الآخرين، لا يمكن للتحالف العسكري أن يكون قويا مثل ارتباطه. هذا هو نوع من عدم الثقة الذي تعانيه الولايات المتحدة فيما يتعلق بتركيا، بالنظر إلى دور أنقرة المثير للجدل كحليف للناتو في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان». وأوضح الكاتب أن التكوين الأخير، الذي من المفترض أن يكون عليه التحالف يتكون من الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي - المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والبحرين وعمان، بالإضافة إلى مصر والأردن. وقال: بالنظر بعمق إلى هذا التشكيل نجد أن قطر تختلف في الرؤى عن بقية الدول، فعلى سبيل المثال جماعة الإخوان الإرهابية، نجد أن معظم دول المنطقة اتخذت إجراءات صارمة ضد الفروع المحلية للحركة (الخبيثة)، وأعلنتها كحركة إرهابية، ولكن قطر تعمل بنشاط للترويج للإخوان في الخارج من أجل تقويض الأعضاء الآخرين في الائتلاف، فضلاً عن ذلك فإن النظام القطري يعمل أيضاً على توطيد علاقاته مع طهران. وأضاف: «في الواقع، فإن اتباع قطر لهذه السياسات الخبيثة - والإجراءات الإشكالية الأخرى – دفع معظم الدول الأخرى في هذا التحالف إلى قطع علاقتها معها، وما زالت على خلاف معها». وقال برودسكي: منذ أن بدأت هذه المحاولة الأخيرة لتأسيس هذا التحالف في عام 2017، ظهرت مدرستان فكريتان في واشنطن لمعالجة العقبة، التي تمثلها قطر، الأولى أن يتم تخطي الخلافات على أمل أن يكون ذلك هو أفضل طريق للمضي قدماً، لأن أي شيء يسهم في تشكيل جبهة موحدة هو أمر إيجابي، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بمواجهة إيران، ولكن أيضا عندما يتعلق الأمر بتعزيز المشاركة الإقليمية في الاقتصاد، أما المدرسة الفكرية الثانية فتميل إلى أن قطر لا يجب أن تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة إلا إذا غيرت من سلوكها الشاذ في المنطقة. وأشار إلى أن قائمة المظالم ضد قطر طويلة، مشددا على أنها أشعلت لهيب الاضطرابات في المنطقة على الأصعدة كافة مع دعم مالي وسياسي لا مثيل له لمختلف المنظمات المتطرفة في مقدمتها تنظيم القاعدة وحركة طالبان وحماس وغيرها، بالإضافة إلى جماعة الإخوان الإرهابية. كما تستخدم شبكة الجزيرة المدعومة من الدولة منبراً عالمياً للترويج للدعاية الأكثر تطرفاً. ولا تقتصر أنشطة قطر الخبيثة على بعض الأمور البسيطة في المنطقة، وفقاً للكاتب، الذي أكد أنها تستهدف مباشرة المصالح الأميركية كذلك، بما في ذلك دفع أموال لأصحاب النفوذ وجماعات الضغط، والتجسس عبر الإنترنت، ووسائل التمويل، وشراء مراكز الفكر والرأي، لافتاً إلى أنهم يلعبون أيضاً ألعاباً قذرة طويلة الأمد من خلال عمليات التأثير، التي تنفق الأموال ببذخ على الجامعات الأميركية، مؤكداً وجود أدلة تربط عناصر مختلفة من القضايا المرفوعة ضد قطر وتوضح ما الذي يقوم به القطريون لدفع أموال ضخمة لشراء عناصر مؤثرة داخل واشنطن بطريقة لم يتمكن معظم الأميركيين من البدء في تخيلها، وهو ما كشف عنه الفيلم التسجيلي «أموال الدم»، الذي صدر مؤخراً. ونوه الكاتب في تقريره المثير إلى أنه عندما زار الرئيس ترامب الرياض في مايو 2017، ناشد العشرات من الزعماء المجتمعين في القمة العربية الإسلامية الأميركية «لطرد» الإرهابيين وتوحيد الصف للرد على إيران، إلا أن قطر لم تغير من سلوكها، وسعت لتعزيز علاقاتها مع النظام الإيراني، وأيضا واصلت دعم «الإخوان» ما يشكل تحديات إضافية لمصالح أميركا في الشرق الأوسط. وأضاف: على الرغم من علاقات قطر الدافئة مع مجموعة من متاجر السياسة الأميركية والمنافذ الإعلامية السائدة، لا يبدو أن العزلة الإقليمية للإمارة الصغيرة ستنتهي في أي وقت قريب. مشيراً إلى ما شهدته القمة العربية التي عقدت مؤخراً في تونس، إذ غادر أمير قطر تميم فجأة بعد فترة وجيزة من إشادة الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، بالرئاسة الدورية للمملكة العربية السعودية للجامعة العربية في العام الماضي، وإدانته للتدخلات الإيرانية والتركية في شؤون دول المنطقة، وهو ما يعتبر إشارة غير متخفية لاستغلالهما علاقاتهما مع قطر للتدخل في شؤون المنطقة. واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن دور قطر في «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» سيشكل نقطة ضعف الحلف، مشدداً على أنه ينبغي على واشنطن دفع قطر لتغيير سلوكها المخرب.
مشاركة :