تحفظ عدد من المثقفين على برامج فضائية تعتمد ضمن آليات اختيار الفائزين على تصويت الغلابة والبسطاء وذوي الدخول المحدودة ممن يستجديهم الشعراء لدعمهم بالرسائل، ولا يتردد في مناشدة قريب وصديق ومعارف بتكفى صوّت لي.وتحفظ نائب رئيس أدبي الطائف الدكتور أحمد الهلالي على تفويز شاعر بتصويت جمهور لا ذاكرة شعرية له بل ربما آخر اهتمامه الشعر. مع إشادته ببعض الأسماء الشعرية الفائزة إلا أنه يرى أن آلية البرامج الربحية فيها جانب تسويقي وكسب مادي بحكم أنها تقدم خدمة للشعراء بإبرازهم والتعريف بهم.فيما قال الشاعر عبدالرحمن الشهري لا أحب أن أكون قاسيا مع من يختارون الكتابة وفق القصيدة البيتية، أو قصيدة التفعيلة؛ وعدّ ما تقدمه بعض البرامج الفضائية، تكريساً لنمط أولي، يفترض في الشعر أن يكون قد غادره منذ مدة طويلة. وأضاف: «لا أظن أن مثل هذه البرامج ستخرج شعراء مجددين؛ لأنها ومنذ البداية وضعت لهم الحدود، التي ينبغي عليهم عدم تجاوزها، بحيث تنتج عنها قصائد مدجنة، وتخدم أهداف المنظمين، سواء أكانت أهدافا ربحية أو دعائية». ويرى أن مثل هذه المسابقات مؤشر على رؤيتنا الحضارية، التي نقدم بها أنفسنا إلى العالم، من خلال قوالب فنية، لم تعد ملائمة لإيقاع العصر الذي نعيش فيه.ويذهب الناقد الدكتور سعد الثقفي إلى أن القبيلة كانت ولم تزل تحتفل بميلاد شاعر، وببزوغ نجمه، فتنحر القرابين وتقيم الولائم كونه لسان حالها، والذاب عن حوضها، والمفاخر بأيامها، وانتصاراتها. ولفت إلى التغيير الذي حدث فأصبح الشاعر (الذي يرتضي لنفسه هذا الأمر) جزءا من عملية مالية مربحة تدر الأرباح الطائلة لمنظميها، بصرف النظر عن كونه شاعرا حقيقيا أو لا. وأضاف يزداد الأمر سوءا بالزج بأفراد القبيلة في هذه العملية المالية المهينة، حين يصوتون من أجل أن يفوز ابن قبيلتهم باللقب. وعدّها آليات لخدمة الرأسماليين المقامرين بمكانة الشعر والشاعر والقبيلة. لكنها ستعود بالويلات على الشعر والشعراء الحقيقيين، الذين تأبى عليهم مكانتهم الشعرية الرفيعة من الدخول في مثل هذه المنافسات. وأبدى أسفه أنه في نهاية الأمر، ستؤول ريادة الشعر إلى شعراء الظل الذين أسعفهم تصويت القبيلة بأن ينالوا ما لا يستحقونه. ويرى أنه على المدى البعيد تحط هذه المسابقات الشعرية غير البريئة وغير المحايدة من قدر الشعر والشعراء ومن مكانة الشعر في النفوس. وأضاف: «الشعر أنقى وأجمل من أن ينال هذه الصفعات الحمقاء من أبناء العربية، ولا عزاء للشعر». فيما لا يتفق الكاتب الدكتور عبدالله الكعيد مع وصف (أمير الشعراء) و(إمارة الشعر) ويرى أن ما بُني على باطل فهو باطل، ولفت إلى أن هذا ديدن العرب عبر عشقهم للألقاب منذ تم تدوين نتاجهم الشعري والأدبي ونحن نقرأ عن صنّاجة العرب وأشعر العرب وحكيمهم وأشجعهم. وقال لا يُستغرب اللجوء لهذا العشق في عصرنا الحالي من أجل التكسّب المادي سيما وقد وجدت المحطات الفضائية ضالتها في مثل تلك البرامج التي في حقيقة أهدافها أبعد ما تكون عن تعزيز الثقافة والإبداع. وأضاف لا يمكن أن يدّعي أحد أن برامج استجداء التصويت للمتنافسين رفعت من مستوى جودة قصائدهم أو صنعت مشروع شاعر ما.
مشاركة :