يُعد شهر ” رمضان ” المبارك موسمًا رئيسيًّا لاستهلاك السلع الغذائية عمومًا، حيث يعتبره كثيرًا من المنتجين والمستوردين أهم شهر في السنة لتصريف بضائعهم ومخزونهم. فبتأمل استهلاك هذا الشهر، نجد أنه يعادل وحده ما يتم استهلاكه في فصل كامل أي ثلاثة أشهر، أي أنه يضيف شهرَين استهلاكيَّين للسنة لتصبح 14 شهرًا. وفيما يتعلق بحجم الإنفاق على السلع الغذائية الأساسية في رمضان، فإنه يصل إلى نحو 20 مليار ريال من أصل 160 مليار ريال تنفق على هذه السلع سنويًّا، أي أن الإنفاق برمضان يرتفع بنحو 30 %. والمقصود من هذه الأرقام وزيادة الطلب على السىلع، هو أنه ترتفع فاتورة شرائها؛ لأن الهدر ما زال مرتفعًا؛ فالأرز يتضاعف استهلاكه ليصل إلى 9 آلاف طن يوميًّا، وإجمالي شهر رمضان لا يقل عن 260 ألف طن. وبالرغم من أن عدد ساعات الإفطار في رمضان لا تتعدى عشر ساعات إلا أن الاستهلاك يزيد على بقية شهور العام؛ ما يشكل ظاهرة جديرة بالبحث لمعرفة حجم الهدر من الاستهلاك الفعلي. وفي هذا السياق، رصدت تقارير عديدة حجم الهدر بالغذاء عالميًّا، فجاء ترتيب المملكة من أعلى الدول عالميًّا؛ إذ يبلغ نحو 250 كلجم سنويًّا للفرد الواحد، فيما يصل متوسط هدر الفرد عالميًّا 115 كلجم. حيث تستورد المملكة جل موادها الغذائية، ومع هذا الحجم من الهدر يقدر بنسبة تصل لنحو 30 إلى 40 % من حجم المواد الغذائية بالسوق المحلي، وبقيمة تقدر بنحو 50 مليار ريال سنويًّا، وهذه الأموال يمكن أن تكون ادخارًا للأسر والمجتمع عمومًا، فهي تهدر لصالح منتجين بدول بالخارج نظرًا لاستيرادنا جل السلع الغذائية. وفي ظل وجود هذه المشكلة تتواجد الحاجة لوجود دور توعوي من جهات عديدة؛ وذلك لمنع هذا الهدر والاستنزاف للموارد المالية والغذائية؛ نظرًا إلى أن حجمها يصل لنسب مرتفعة جدًّا ويشكل عبئًا على ميزانية الأسرة والاقتصاد عمومًا. ويجب أن تبدأ العديد من الجهات بعمل إحصاءات دقيقة عن حجم الاستهلاك، والانتقال للتوعية باحتياجات الفرد الفعلية من الغذاء والتوعية بطرق الترشيد المناسبة، لأن رمضان شهر المغفرة وليس شهرًا للإسراف في الأكل والهدر.
مشاركة :