ليلاس سويدان- تحت عنوان «ثلاثون بحرا للغرق» أقيمت في مركز جابر الأحمد الثقافي، أمسية للشاعر البحريني قاسم حداد. قدمته الروائية بثينة العيسى بقولها: لقد قرأنا قاسم حدّاد كما كتبَ نفسه؛ رجلٌ «مترفٌ بالوجع ومواكب الدمع»، لا يكتفي بكتابة الشعر، بل يكتبُ عنه، ويكتبُ بوساطته. في نصوصهِ ممراتٌ لولبية، مجازاتٌ للعبورِ إلى ما وراء اللغة، إلى مكانٍ يتكثف فيه المعنى، يراوغُ ويستعصي، تخرجُ من قصيدتهِ محتشدًا بالاستعاراتِ، «مخفورًا بالوعول». فهو «لا يؤلف كتبًا، لكنه يصقل المرايا». وأضافت «كل كتابةٍ معه هي محاورة، ليس بالضرورة مع نص سابق، أو نص لم يُكتب. بل هي محاورةٌ بين جنس فني وآخر؛ مدَّ جسور القصيدة إلى الفن التشكيلي، التصوير الفوتوغرافي، الموسيقى، والسرد. حوارية الفنون، وتكامل لغاتها، كان شيئًا عضويًا وحاضرًا باستمرار في قصيدة قاسم حداد، ولم يكن يكتفي بالنص، بل بالكتابة عن النّص، وحولَه». وتحدثت العيسى عن موقع جهة الشعر الذي دشنه قاسم حداد وتوقف العام الماضي، قائلة «على مدى 22 عامًا، دشّن قاسم جهةً للشعر، موقع إلكتروني موسوعي ينشر الشعر، وما يكتب حوله، بسبع لغات. وحتى بعد وصول جهة الشعر إلى نهاية رحلتها، في مارس الماضي، ما زالت لدينا الذكرى، وما زال هناك الحُب. عندما تُفقد جهة الشعر بسبب غياب الدعم المادي، يبدو لنا جميعًا أن العالم قد فقد بوصلته». من القصائد التي ألقاها قاسم حداد في الأمسية: «كان يعرف» كان يعرفُ، قادة، يستنوقون جِمالَهم ويَشونَ بالمعنى لكي ينهار بالتأويل ماءٌ زئبقٌ شبقٌ ويعرفُ كلما خاضوا بماء كتابه، وبنوا قصوراً فوق طينةِ شِعره خانوهُ خلُّوا نجمةً سوداء تبكي في يديه كان يعرفُ، ضالعون رمُوه في جُبٍ يدٌ في الدمّ والأخرى تُجدّفُ وهو يعرفُ إنهم يضعونَ حدَّ السيفِ في باب الندى ودموعهم فوق الذبيحة سوف يعرف إخوة يرثونه قبل الغياب يؤلفون نصيحةً يَطَأون جثته ويعرفُ قل هو الحب قل هو الحب هواء سيد، وزجاج يفضح الروح وترتيل يمام قل هو الحب لا تصغي لغير القلب، لا تأخذك الغفلة، لا ينتابك الخوف على ماء الكلام قل لهم في برهةٍ بين كتاب الله والشهوة تنساب وصاياك وينهال سديم الخلق في نار الخيام «فهداً.. فهداً» ربيناهم فهداً فهداً مزجنا سواد شطرنجهم بأحداقنا الساهرة لتزهو الرقطة في فروهم الكثيف ويأخذ كل منهم قسطه من الماء والسكينة وافراً.. وافراً ربيناهم فهداً فهداً لكي يلتفت الضئيل منهم نحو أكثرنا اطمئناناً وينشب فيه المخالب والأنياب فهداً فهداً كنا نظنَّ أن الوحش هو الحيوان فحسب القلعة أبني القلعة من حولي أشيّدها حجرا حجرا وأستنفر الجيوشَ لتبدأ الهجوم وحدي أستعدي شهية القتال في شجاعة الأعداء أهيئ لهم كي يبدأوا شحذ الأسلحة ويحسنوا التصويب أبعث بكتب التحديات وأنتظر في القلعة وحدي كل موجة من الهجوم أسمّيها تفاحة الغواية أمقتُ الأسلحة لا أحسنُ الحربَ، وليس لديّ جنودٌ ولا سُـعاة وحدي كلما ارتدّت هجمةٌ أسعفتُ الجرحى وبعثتُ بالأسرى مدججين بالهدايا أرمِّمُ أسوارَ القلعة أدْهَنُها، وأزيَّنُها بالقناديل كي ترشدَ الهجومَ التالي، فربما يحلو لهم أن يَبْغتُوا في الليل فها أنا وحدي القلعة صامدة .. وفي ضيافة القبس: «جهة الشعر » أنجزت دورها وتوقفتضيفنا الشاعر قاسم حداد ورئيس التحرير الزميل وليد النصف يتوسطان أسرة القبس الثقافية كعادته عند زيارة الكويت في أي مناسبة، كانت القبس وجهة لقاسم حداد، الذي حل عليها ضيفا عزيزا في جلسة حضرها الزميل وليد النصف رئيس تحرير القبس في مكتب الزميلة سعدية مفرح. من يجلس مع قاسم حداد في حوار يعرف معنى الحديث من القلب والشغف الصادق بالشعر والثقافة وشؤونها. سألناه وأجابنا عن «جهة الشعر» التي توقفت، ورأى أنها أنجزت دورها وأبدى إعجابه بالمواقع الجديدة المهتمة بالشعر، وتحدث عن ضرورة دعم الصفحات الثقافية في الصحف اليومية واستمراريتها، ودورها في ترسيخ الوعي الثقافي والتاريخي. وأثنى ضيفنا على اهتمام القبس بالصفحة الثقافية في ظل انحسار هذا الاهتمام على الصعيد الصحافي عربيا. تشعب الحديث عن ذكريات وأصدقاء، وودعناه على وعد باستكمال الحوار في زيارة قادمة للكويت قريبا. حضر اللقاء الزملاء: مهاب نصر، عبدالله الفلاح، ليلاس سويدان، سلمى المانسترلي، نواف الربيع.
مشاركة :