عمر فضل الله: الرواية هي ما يريده الشباب اليوم حيث يجتمع الخيال بالواقع

  • 4/12/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كثير من الكتاب مزجوا بين تخصصاتهم العلمية وبين مشاريعهم الأدبية، مما حقق لهم مساحة أوسع وأكثر عمقا من غيرهم من الكتاب، حيث يمكن توظيف العلم في خدمة الأدب والعكس صحيح أيضا، إذ لا تعارض بين العلوم والآداب. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الكاتب والدكتور في علوم الحاسب الآلي السوداني عمر فضل الله لنتعرف على مسيرتيه العلمية والإبداعية ونلقي الضوء على جوانب مهمة في شخصيته. يجمع الدكتور عمر فضل الله بين البحث العلمي والإبداع، فهو متخصص في تقنية المعلومات وعلوم الحاسوب، حيث حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في علوم الحاسب الآلي تخصص نظم معلومات من جامعة كاليفورنيا، وتولى إدارة العديد من المشروعات الخاصة بتقنية المعلومات في دولة الإمارات حيث يقيم منذ سنوات طويلة وتولى الإشراف على مشاريع أنظمة البنى التحتية لشبكات المعلومات للدوائر وشبكات المنشآت الحكومية بأبوظبي، كما أسس الكثير من المراكز البحثية والاستراتيجية في السودان، وعلى مستوى الإبداع جمع بين الشعر والسرد والدراسة المعرفية والإسلامية وتحقيق التراث، وتزدحم مسيرتيه العلمية والإبداعية بإنجازات كثيرة، نالت روايته “تشريقة المغربي” أخيرا جائزة الطيب صالح للرواية. التاريخ والخيال بداية نتطرق مع الكاتب إلى تتويج روايته “تشريقة المغربي”، حيث يؤكد فضل الله أن جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي أصبحت تظاهرة ثقافية وعيداً ينتظره الناس كل عام للمرة الثامنة على التوالي في احتفائهم بعبقري الرواية العربية ذاك الذي صنفت روايته “موسم الهجرة إلى الشمال” ضمن أعظم مئة رواية في القرن العشرين. وقد وجدت الجائزة صدى كبيراً وتقدمت بخطوات عظيمة إلى الأمام فأصبحت ضمن أهم الجوائز العربية في الأدب. أما الفوز بالجائزة فهو حلم لكل أديب أو كاتب أو روائي، لكن الفوز بالنسبة إليه يعني أكثر من مجرد تحقق لحلم، ففوز أحد أعماله بالجائزة، يعني نجاح مشروعه الروائي المعرفي الذي يقدمه للقراء ما يؤكد له أنه يسير على الطريق الصحيح. البون يبقى شاسعاً بين العالم العربي وبقية دول العالم المتقدم في مجال توظيف تقنية المعلومات في حياتنا المعاصرة ويرى فضل الله أن انتماءه إلى بيت علم وقرآن وفقه كان هو اللبنة الأولى التي فتحت عقله ومداركه على اللغة والثقافة، لافتا إلى أنه نظم الشعر في صغره مثله في ذلك مثل بقية أهل السودان، وقد سبق الشعر الرواية عنده لأنه قرأ الشعر الفصيح منذ الصغر، لكنه يقر بأن الشعر لم تعد له تلك المكانة القديمة، فهذا عهد الرواية. وحول استلهامه للتاريخ ووقائعه نصيب من الحقيقة والمتخيل في تلك الأعمال، يقول فضل الله “معلوم أن التخييل هو كل تاريخ يُبنى على وقائع في عقل المؤلف أكثر منه على وقائع حقيقية، وأن الشخوص التي يستحدثها المؤلف هي مجرد شخصيات خيالية أيضاً، بيد أن الوقائع الممثَّلة في التخييل ليست كلُّها بالضرورة متخيلة، وذلك مثلما هو في أعمالي وخاصة الرواية الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية رواية ‘تشريقة المغربي’ فقد أسستها على وقائع تاريخية مؤكدة، استغل فيها فراغات التاريخ وفجواته فأُدخل فيها العديد من الشخصيات والأحداث المستوحاة من الخيال. وإذا كانت بعض الأحداث أو الشخصيات متخيّلة، فلا ينبغي بالقدر ذاته أن تكون غير حقيقية فعنصر التخييل في رواياتي يسير جنباً إلى جنب في نسيجه السردي مع الحقيقة التاريخية”. طرق على فجوات التاريخ الغائبة طرق على فجوات التاريخ الغائبة وردا على سؤالنا له لماذا تكتب في ميدان التاريخ؟ يجيب فضل الله “لأن عندي مشروعاً روائياً معرفياً له علاقة بتاريخ السودان أريد أن أقدمه للناس أطرح فيه من خلال رواياتي أسئلة حائرة تثيرها الأحداث التاريخية المتعاقبة على تاريخ السودان وأطرق بقوة على فجوات التاريخ الغائبة أو المغيبة فأنا لا أهرب إلى التاريخ بل أجعل التاريخ فكرة حاضرة في عقول القراء بتحريك التاريخ وتقديمه للقارئ ليس باعتباره تجربة ماضية منقطعة، بل باعتباره فكرة دائمة التدفق شاخصة في الزمان وشاهدة على أحداثه من خلال الرواية المعرفية”. ويكشف فضل الله أن جميع أعماله وليس روايته “ترجمان الملك” فقط، تمزج الواقعية السحرية بالرؤية التاريخية قائلا “أوظف الرواية المعرفية لتعكس عالماً حقيقياً لكنه مسكون بالخيال، وفي الوقت نفسه تمثل تيارا من الواقعية السحرية عبر المزج بين شخوص وأسماء ذكية (حقيقية ومتخيلة) تحترم ذكاء القارئ ووعي المجتمع الحدي وتحقق الهدف من كتابة الرواية المعرفية”. الغرب والإرهاب تأثرت روايات فضل الله بدراساته العلمية والبحثية يضيء ذلك الأمر موضحا “حين كتبت رواية ‘أطياف الكون الآخر’ وهي تمثل الفنتازيا في أعمالي مزجت فيها بين علوم الفضاء والفلك وعلوم الطبيعة والدراسات الفلسفية والرياضيات والمنطق جنباً إلى جنب مع التاريخ واللامعقول والخيال العلمي. دراسة الحاسب الآلي وفرت لي إمكانات الكتابة والنشر والتوثيق مثلما وسعت آفاقي في مجال الكتابة”. ويؤكد فضل الله أن وجوده في دولة الإمارات العربية المتحدة أتاح له الخلوة مع نفسه، ليتمكن من الكتابة والإبداع و”ربما لو بقيت في السودان لما تمكنت من إنجاز كل هذه الأعمال والروايات ولما رأى الناس مشروعي الثقافي المعرفي”. الكاتب جمع بين الشعر والسرد والدراسة المعرفية والإسلامية وتحقيق التراث، وتزدحم مسيرته العلمية والإبداعية بإنجازات كثيرة ويقول فضل الله إن الحكومات العربية رغم ما يحدث في دولها من مشكلات كبيرة وصراعات وحروب وتمزق إلا أنها بدأت تلتفت مؤخراً لأهمية تقنية المعلومات وعلوم الحاسوب وتوظيفهما في إدارة الأنظمة والمؤسسات الحكومية وغير ذلك من المجالات، فبدأت تهتم بأنظمة وبوابات الحكومة الإلكترونية الذكية وتوظيف التقنيات المتقدمة في خدمة المواطن وإدارة شؤون الدول، ولا يفوته هنا أن يشيد بالدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة في إقامة ودعم هذا المجال بإنشاء مدن كاملة للإنترنت، واستضافة مؤتمرات القمة العالمية للحكومات والمعارض الدولية للتقنية مثل معرض جايتكس السنوي وغير ذلك، لكن يبقى البون شاسعاً بالرغم من هذا كله بين العالم العربي وبقية دول العالم المتقدم في مجال توظيف تقنية المعلومات في حياتنا المعاصرة. ويشير فضل الله إلى أن فشل المنظمات الدولية في تعريف هذه المصطلحات الدخيلة على عالمنا جعل العالم الغربي يوظفها ضد عالمنا العربي والإسلامي بطريقة تخدم مصالحه هو فقط، ففي حين نجد أن التطرف الديني نشأ في الغرب إبان الحروب الصليبية التي وفدت إلينا من أوربا، واستمرت لسنين طويلة ثم بالاستعمار الغربي وما تلاه، فقد نجح الغرب في تصنيع الإرهاب وتصديره إلينا لنقوم نحن بوعي أو دون وعي بتسويق بضاعتهم الفاسدة والصواب هو أن نسمي الجرائم بأسمائها، ونلاحقها ونعاقبها وندينها، طبقاً للقوانين الدولية والوطنية”.

مشاركة :