لا شك أن الخيال جزء مهم في الكتابات الروائية، لكننا يجب أن نفرق بين الخيال المحض، يعني قصة خيالية، أو فنتازيا، أو عوالم خارج إطار الواقع، وبين القصص المستقاة من الواقع لكنها لا تمثل سرداً واقعياً بحتاً أو تسجيلاً لسير روائية لكتابها أو غيرهم. أقصد هنا أن الخيال يتدخل كثيراً في بناء الشخصيات وفي نسج الأحداث الروائية أو العمل الدرامي بحد سواء في القصص المستقاة من الواقع، ولا يمكن للكاتب أن يقوم بسرد الأحداث حرفياً كما حدثت في الواقع، لماذا؟ لأن الفن يتدخل في هذه الحالة، ولأن الفن له متطلباته التي على رأسها التشويق والإثارة، وجعل القارئ يواصل في قراءة تلك الرواية إلى النهاية، أو يتابع أحداث مسلسل درامي حتى نهايته، وقد كان في السابق العمل الدرامي يعتمد على إثارة المشاهد لمتابعة المسلسل وجعله يتابعه، بأن يعتمد على قفل كل حلقة بمشهد يشد المشاهد لمتابعة الحلقة التي تليها، لكن اليوم أصبح العمل الدرامي يحرص على أن يشد المشاهد للمتابعة بين المشاهد ذاته، فيخلق له سراً أو غموضاً بينها لأجل أن يظل متابعاً للأحداث حتى نهاية الحلقة، ومن ثم يضع مشهداً مثيراً أو محيراً في نهاية الحلقة حتى أتابع الحلقة التي تليها، وربما يكون هذا الأمر قريباً من التكنيك ذاته عند كتابة الرواية، أو أن هناك فروقاً بلا شك يدركها كتاب الرواية المحترفين. الذي استثارني للحديث في هذا الموضوع الحوار الذي أجريناه مع الكاتبة المصرية عبير أحمد، وحديثها عن أدب الحرب الذي يخضع للظروف ذاتها فيما يخص الكتابة، ولعل أبرز أعلام هذا الأدب: تولستوي في "الحرب والسلام"، وهمنغواي في "وداعاً للسلاح"، وبونداريف في "الثلج الحار" وغيرهم، والذي أتمنى أن تتاح لي الظروف للكتابة عنه في مقالات مقبلة.
مشاركة :