التخبط الاقتصادي يضع قطاع النسيج اللبناني في طريق مسدود

  • 4/12/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اضطرت العديد من مصانع النسيج في لبنان على وقف نشاطها بشكل كامل والاضطرار لتسريح آلاف الموظفين والعمال مع اتساع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي خنقت المواطنين طيلة سنوات. ورغم تمكن أنشطة المنسوجات التابعة لعائلة مزنر، من الصمود أثناء الحرب الأهلية عبر تصنيع أزياء الميليشيات، فإنها واجهت صعوبات في الأعوام التي أعقبت الحرب، وانتهى بها المطاف الآن إلى إغلاق مصنعها. وقال ناجي مزنر رئيس غرفة التجارة اللبنانية العام الماضي إن “نحو 2200 شركة أغلقت أبوابها، محذرا من المزيد من الانهيارات”، في وقت أعلنت فيه وزارة المالية أن 3250 مؤسسة ومحلا تجاريا تقدمت بالتصريح حول توقفها عن العمل. ورغم تضارب هذه الأرقام، يتفق معظم اللبنانيين على أن اقتصاد بلدهم أصبح في حالة بائسة وأنه لا مفر من الإسراع بمعالجة الأمور. وبالنسبة لناجي، الذي بدأ العمل في مصنع للأقمشة في سبعينات القرن الماضي قبل أن يتولى إدارته، فقد واجه سلسلة من التحديات ضغطت على نشاطه، وجعلته عاجزا عن منافسة المنتجات الأقل تكلفة والقادمة من الخارج. سعد الحريري: علينا أن نتخذ الآن قرارات صعبة لإنقاذ البلاد من مشاكلها الاقتصادية سعد الحريري: علينا أن نتخذ الآن قرارات صعبة لإنقاذ البلاد من مشاكلها الاقتصادية وقال رئيس الغرفة لوكالة رويترز “لقد تحول كل شيء إلى خسائر.. خسائر… إلى متى يمكن للمرء أن يتحمل المعاناة؟”. وكان المصنع، الذي بُني في سنة 1946 ويتكون من ثلاثة طوابق، ينتج منسوجات لأقمشة تستخدمها الأسر كستائر أو مناشف. وكافح مزنر للحفاظ على استمرار عمل المصنع، حتى توقف الإنتاج في العام الماضي. وفي مقابلات مع رويترز، عزا أصحاب شركات وأنشطة أعمال وموظفين وخبراء، التباطؤ إلى مشكلات من بينها الاضطرابات في المنطقة والبنية التحتية المتهالكة، والهدر الحكومي أو الفساد، وأسعار الفائدة المرتفعة. ورغم محاولات الحكومة الجديدة لتحسين الأوضاع مع تعهدها بسرعة التنفيذ، فإن التأثير السلبي لسنوات من الجمود السياسي وتوقف الإصلاحات أصبح بالفعل هائلا، وهو ما دفع المزيد من الشركات لوقف أنشطتها، إضافة إلى فقدان عمال لوظائفهم. وتنشر الحكومة بيانات اقتصادية قليلة موثوقا بها، لكنها لا تنشر أرقاما للبطالة بشكل منتظم، وسبق أن قال رئيس الوزراء سعد الحريري العام الماضي إن معدل البطالة يبلغ 30 بالمئة. وتشير أرقام البنك الدولي إلى أن 23 ألف فرد يدخلون سوق العمل سنويا، وأن الاقتصاد يحتاج لاستيعابهم توفير أكثر من 6 أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساسا. وتعتبر البطالة أزمة غير مستجدة، لكنها مستمرة في التفاقم في ظل الحالة الاقتصادية التي وصل إليها البلد، الذي يعتبر إحدى أكثر الدول مديونية في العالم بمعدل 150 بالمئة إلى الناتج المحلي الإجمالي. ومع حالة الركود التي تعاني منها ركائز اقتصادية مثل السياحة والعقارات، حقق الاقتصاد متوسط نمو من واحد إلى اثنين بالمئة منذ اندلاع الحرب في سوريا في 2011، انخفاضا من ثمانية إلى تسعة بالمئة في السنوات التي سبقت الصراع. وقال وزير الاقتصاد السابق رياض خوري “هناك تدهور. هناك زيادة في إغلاقات الشركات وفي البطالة. بالتأكيد، حدث الأمران معا… هناك شركات صغيرة ومتوسطة تعاني بشدة”. ناجي مزنر: كل مصانعنا تحولت إلى تسجيل الخسائر ولا ندري متى تنتهي المعاناة ناجي مزنر: كل مصانعنا تحولت إلى تسجيل الخسائر ولا ندري متى تنتهي المعاناة ودفعت الانقطاعات اليومية في الكهرباء والماء أصحاب المصانع إلى الاعتماد على موردين من القطاع الخاص، وهو ما زاد التكلفة. وارتفعت الضرائب، لكن لم يطرأ تحسن على البنية التحتية أو الخدمات العامة. ومع المخاطر التي تلوح في الأفق السياسي وارتباط العملة المحلية بالدولار، يقدم لبنان أسعار فائدة مرتفعة حافظت على تدفق الودائع إلى بنوكه، لكن ذلك لا يشجع الشركات على الاقتراض. وقال مزنر وآخرون إن السياسات التي أبقت على استقرار الليرة خلال الاضطرابات، أخفقت في الوقت نفسه في حماية أو دعم الإنتاج المحلي. وهبط عدد العاملين لدى مزنر من 75 إلى 40 في 2010، لينتهي المطاف بوجود 10 منهم فقط، لا يزالون يعملون له لكن في متجر قريب من المصنع يبيع بالات من الأقمشة التي كان قد أنتجها ومنسوجات مستوردة من أوروبا. ورغم أن متجره يحقق أداء أفضل بكثير من المصنع، إلا أن مزنر، مثل كثيرين غيره، يخشون من انخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين. وقال “شعرنا بذلك بشكل كبير في 2018”. وهبطت المبيعات إلى النصف العام الماضي، وأفلس تجار كان مزنر قد تعامل معهم لسنوات عديدة. وأبدى الحريري الأربعاء الماضي، تخوفه من أن تتعرض بلاده لأزمة اقتصادية شبيهة لما تعرضت له اليونان في 2010. وقال “علينا التوافق على إجراءات ليست كبيرة ولكن قاسية، تتطلب عاما أو عامين يكون لها دور في إنقاذ البلاد من مشاكلها الاقتصادية، وحتى نتجنب أن يحصل هنا كما حصل في اليونان”.

مشاركة :