قصة «المبرمج الكفيف»: «فقد البصر ولم يفقد البصيرة»

  • 4/15/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

غرفة صغيرة في زاوية جمعية خيرية بسيطة بمحافظة بنى سويف، تبدو لك من بعيد هادئة، إذا دخلت من بابها وجدت أنها تحتوي على أثاث بسيط، طاولة صغيرة، وأريكة متهالكة، وبضع كراسي خشبية قديمة، لكنك ستُفاجَأ بأنه على الرغم من ذلك فإنها تعج بالأشخاص، ينبعث من كل ركن فيها صوت مختلف عن الآخر. هناك في ركن هادئ نسبيًا بالحجرة، لا ترى فيه سوى أجهزة كمبيوتر وطابعات للورق تختلف أحجامها، وأكثر من آلة كاتبة للكتابة بطريقة برايل، شاشة كمبيوتر ولوحة مفاتيح وأصابع تضغط عليها بحرفية كبيرة ومهارة وسرعة عالية، تتتبع تلك الأصابع لتعرف مَن صاحبها، هو شاب، يبدو في منتصف العشرينيات، نحيف قليلًا، يضع سماعات في أذنه تفصله عما حوله من ضجيج، يجذب انتباهك بانشغاله التام، فتشعر أنه بمفرده في هذه الغرفة. حمادة ياسين، طالب جامعي بكلية الآداب بجامعة بنى سويف، وُلد كفيفًا، وعلمت عائلته بعدم إمكانية علاجه، مارس منذ صغره أكثر من عمل ليعتمد على نفسه، كان يمتلك جهاز حاسب آلي في منزله وكلما يتعطل يذهب به إلى محل بسيط للصيانة، فكانت التكلفة آنذاك كثيرة عليه، فقال لنفسه: «لازم أتحدى الدنيا واتعلم»، فبدأ بسماع محاضرات في علم البرمجة وفهم أساسيات «الويندوز»، حتى استطاع أن يصل إلى مستوى يسمح له بتشغيل نسخة جهاز الكمبيوتر وتحميل البرامج وفك الجهاز وتنظيفه وصيانته وإعادة تركيبه مرة أخرى، وهنا يقول «حمادة»: «أختي هي اللي ساعدتني في البداية لولاها ماكنتش هعرف ابدأ إزاى». عمل «حمادة» في محل صغير لصيانة الأجهزة الإلكترونية بقريته الصغيرة، ولكنه ترك العمل نتيجة ضغط صاحب العمل عليه وعدم تقديره، فترك المجال وانتبه لدراسته، وبعد دخوله الجامعة قرر أن يأخذ دورات تدريبية، وأن يعيد إحياء شغفه مرة أخرى، وتفوق، حتى استعانت به جامعة بنى سويف لتشغيل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بقاعة المكفوفين، وأشاد به الدكتور منصور حسن، رئيس الجامعة، كما كرّمه وأعطاه جهازًا لوحيًا «تابلت». عندما سُئل عن نظرة الناس له، قال: «الناس لما بتعرف أنا بعمل إيه بتنبهر». يُنهى «حمادة» كلامه بالحديث عن حلمه بأن يكون مدرب حاسب آلي للمكفوفين، لأنه سيكون أقرب لهم من أي مدرب آخر لم يمر بحالتهم، وأن يمتلك «لاب توب» يساعده في ذلك.فقد البصر ولم يفقد البصيرة.. حمادة يمتهن صيانة الكمبيوتر رغم الإعاقة البصرية حمادة ياسين وُلد كفيفًا ولا يوجد أمل في استرداد بصره قرر الاعتماد على نفسه حتى أصبح خبيرًا في صيانة الحاسب الآلي ..

مشاركة :