في السابق كان يشكل «المزين» عدة أعمال منها الحلاق والطبيب الشعبي، في محاولة من «المزين» لمعالجة أحد الأطفال بعمل وصفة شعبية على عين الطفل فكانت النتائج عكسية انتهت بفقد البصر كاملا إلى هذا الطفل في عمر التاسعة، فالكل يهمس في آذان والد هذا الطفل، ابنك لا يصلح إلا أن يكون مقرئًا للقرآن عند المقابر ويتصدق عليه الناس، فدع ابنك يقف عند المقابر ويأخذ الصدقات، عندما سمع هذا الطفل بأنه عديم الفائدة للحياة، تسلل اليه الم دفين واحتبس داخله وقرر الانتقام من «الطبيب الشعبي» لكن انتقام بحدة البصيرة.الطفل صاحب التاسعة تحول من كفيف عاجز إلى مبدع يضرب به المثل وتدرس كتبه وآراءه وأفكاره في الجامعات، والندوات والمؤتمرات، فالتحق «طه حسين» بالمدرسة وواصل تعليمه، لكن أطروحته في الدكتوراة سببت ضجة في الساحة الدينية مما أتاح لهم باتهامه بالزندقة وأنه مارق وخرج عن الدين الحنيف وذلك بسبب ما تحمله أطروحته في دراسة منهج «أبو العلاء المعري» المتهم بالزندقة في التاريخ الإسلامي، فقرر مغادرة مصر والاتجاه إلى فرنسا. من لحظة التقاء طه حسين مع الفرنسية «سوزان» وأثمر هذا اللقاء بالزواج حيث زوجته أعارته عينيها، وأصبحت له مثل نور الشمس فحقق إنجازات عظيمة في فرنسا، فلحبه لبلده وقومه قرر الخروج من فرنسا والعودة إلى مصر مع زوجته الفرنسية، وعمّل التطور العلمي وحرك المياه الراكدة وعصف بالسفن الفكرية المتوقفة في الماء الضحل حيث أعلن بأن «التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن» وغيّر مناهج التعليم وقام بتجديد الفكر العربي حتى يواكب العصر وأصبح عميد الأدب العربي. ربما حرم هذا الأديب حرم من نعمة البصر بسبب جهل الأسرة، فلم يبحث عن الطبيب الشعبي ويقتله بل تحدى الإعاقة فترك للأدب العربي أثر كبير، حيث «طه حسين» لا يحتاج إلى مناسبة في ذكرى ميلاد أو رحيل، إذ أصبح أحد المخلدين الكبار على مستوى العالم وأفكاره سوف تظل موجودة ولن تختفي، وله بصمة في إضاءة شمعة البشرية من محاربة الأمية والظلام. د.نادر الخاطر
مشاركة :