معجزاتفي كلمات ..! | أحمد عبد الرحمن العرفج

  • 3/13/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

مَن يَجلس دَاخِل المُجتمع، ويَغشَى مَجالسه، يُدرك أنَّنا نُعاني مِن فَقْرٍ في آدَاب الحَديث، وغِنَى في فَوضَاه، التي تَعمّ المَجالس والمَآنس..! إنَّ للحَديث آدَاباً، ذَكرتْها الشَّرائِع السَّماوية، وأكَّدتْ عَليها الأعرَاف والعَادَات، وهُنَا سأَذكر شَيئاً مِنها، ولَعلَّ أهمّها أنَّ صورة الإنسَان لَا تَأتي مِن وَجهه، ولَكن تَأتي وتَرتسم مِن خِلال حَديثه، وقَد رَأى مُعلِّمنا «سقراط» رَجُلاً صَامِتاً؛ جَالِساً في الرُّكن، فقَال لَه: (تَكلّم حتَّى أَرَاك)..! والكَلام المَوزون في المَجالس لَه أَهمّية كُبرَى، لأنَّه يَستحوذ عَلى النّفوس، ويُحفَر في دَواخلها، ولقَد صَدَق الفَيلسوف «هنري ولون» حِين قَال: (إنَّ الكَلِمَة ذَات المَعْنَى الوَاضِح المُحدَّد بقِيمتها التَّصويريّة، وقُدرَتها علَى الإفهَام، لَها نَفس المَزَايَا التي للوَرق النَّقدي)..! أمَّا تقنيّات الحَديث فهي كَثيرة، ومِن أهمّها كَلَام شَيخنا «جمال الدين الأفغاني» حِين قَال: (تَطويل المُقدِّمات دَليل عَلى سُقم النَّتيجَة)..! والبَعضُ يَظنّ؛ أنَّ استخدَام آليّات الحَديث مَأمون الجَوَانِب والعَوَاقِب، ومِثل هَذا الظَّن يَقترب إلَى الوَهم، أكثَر مِن اقترَابه إلَى الصَّوَاب، وقَد بيّن ذَلك الفيلسوف «راسل» حِين قَال: (مَصدر الشّرور والمَصَائب الاجتمَاعيّة؛ إنَّما يَتمثَّل في الاستخدَام غَير الدَّقيق للكَلِمَات، وعَدم إعطَائها مَعنَاها الصَّحيح الوَاضِح)..! وفي نَفس هَذا السّياق مِن أَهمّية الكَلِمَات يَقول «جون لوك»: (يَنبغي الاحتيَاط بحَيثُ إذَا استَخدمنا كَلِمَة، فلا بد أنْ نَكون عَلى بَيّنة مِن الفِكرَة؛ التي تَدلُّ عَليها)..! أمَّا عَن ثَمرة المُحَادثة، والفَائِدة المُستقَاة مِنها، فقَد بَيّن ذَلك فَيلسوفنا العَربي الكَبير «أبوحيان التوحيدي» حِين قَال: (في المُحادثة تَلقيح للعَقل، وتَرويح للقَلب، وتَسريح للهَمّ، وتَنقيح للأَدَب، عَلى أنْ يَكون الحَديث ذَا جِدّةٍ وصَرَاحة)..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُشير إلَى عِبَارة ذَهبيّة؛ تُلخِّص مَا نَحنُ فِيهِ مِن كِتَابة اليَوم، جَاءت عَلى لِسَان «همنجواي» حَيثُ يَقول: (الاستمَاع مَلَكَة فِطريّة، أمَّا الإصغَاء فهو فَنّ)..!!! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com

مشاركة :