يظل اسم بعض المواقع الجغرافية في أي بلد من بلدان العالم مجهولًا لا يعتد أحد به، حتى يُقيض الله مناسبة سياسية أو أثرية أو اكتشاف ثروة معدنية. ففي أمريكا على سبيل المثال نالت قرية تعدين كانت معزولة مجهولة، حظها من الازدهار والنفع لقاطنيها (غير التعدين). فكان اسم تلك القرية (باغداد) BAGDAD. نطقاً، مثل العاصمة بغداد مع فارق الغين، أو إسقاط حرف H المهمل. أخذت تلك القرية مساحة صحفية كبيرة أثناء وبعد أزمة الكويت. وزارها الناس (الامريكيون طبعاً) ونشطت صناعة الخدمات السياحية فيها من مطاعم وفنادق ومحلات ترفيه. بعد شهرة الأماكن المقدسة عندنا في المملكة تأتي أسماء أخذت حقها من الشهرة مثل الأحساء، ميناء العقير، وتبوك كذلك والطائف. اشتهرت بجوها البارد وبساتينها، لكن "اتفاقية الطائف" أعطت الكلمة ترداداً أوسع في وسائل الإعلام. ولو اقتفينا أسماء المناطق تاريخياً لن نعثر على كلمة الظهران، الدمام، الخبر، الخفجي، إلا بعد أن بدأت المملكة في تصدير النفط. وكلمة " الأحساء " أو "الحسا" كانت ولا تزال اسماً عريقاً، وربما اعتبرها الآباء عيناً من عيون الماء والمدنية والحياة العصرية آنذاك. ودليلي على هذا ترداد الكلمة في الشعر الشعبي والإشارة إليها على أنها جهة وجود حضاري. هاكم بيتا : - ياخوي جب لي طبيب من الحسا وعْجلا وان ما حصل لي طبيب فالموت مني دنا وشاعر آخر وجدناه يشتكي من تأخر راحلته عن اللحاق بالحبيب فقال : - عيّت ذلولي تقطع الجَسِر وصْويحبي وِرْد القطيف وإن أصبت في ظني فالشاعر كان متوجها من نجد وعليه أن يعبر جسرا فوق واد، والغالب أنه يقصد وادي الرمة حيث كان الرُّحّل ينتظرون على ضفته أياما حتى يقل جريانه، لأنها غمرت الوادي وتعلّت على الجسر البدائي آنذاك والتوجه نحو القطيف كان قصداً حياتياً إما للتجارة أو لغيرها. المدينة المنورة كان اسمها يثرب ولم تشتهر في ذلك الحين مثل شهرتها بعد الهجرة. والرسول سمّاها المدينة ، ومن هنا جاء الجدل حول دقة (طلع البدر علينا) لأن الرسول عليه السلام هو الذي سماها المدينة، فكيف جاء بيت الأنشودة الذي يقول : جئت شرّفت المدينة. أم الدود قرب مكة المكرمة آثر أهلها أن تُسمى " أُم الجود " وعلى سكان حارة " محْبسْ الجنّ " في مكة المكرمة أن يحذوا حذو جيرانهم.
مشاركة :