يحتوي كتاب "القرينية بجزيرة فيلكا تنقيبات البعثة الكويتية الإيطالية 2010-2015" على نتائج التعاون المشترك بين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – إدارة الآثار والمتاحف وبين البعثة الإيطالية للاستكشاف الأثري من جامعة بيروجيا الإيطالية، الذي بدأ بتوقيع اتفاقية سنة 2010. ويأتي الجزء الأول من الإصدار "الطبقات والمراحل الاستيطانية" متضمناً على نتائج التنقيب في موقع "القرينية" بجزيرة فيلكا، وهو أحد المواقع المهمة العائدة للعصر الإسلامي، على الساحل الشمالي من الجزيرة. والكتاب الذي اشترك في تأليفه أندريه ديميكالي وجان لوكا يتألف من 12 فصلاً مقسمة على خمسة أجزاء، الجزء الأول مقدمة عن الموقع الأثري والمسح الأثري له وطبوغرافية الموقع وتضاريسه، إضافة إلى أماكن الاستكشاف الأثري فيه، بينما يحتوي الفصل الثاني على نتائج العمل الميداني في المنازل الإسلامية المتأخرة الثلاثة التي تم اكتشافها، في حين خصص القسم الثاني لنتائج التنقيب في المستوطنة الإسلامية المبكرة التي تحتوي هي الأخرى على ثلاثة منازل. وخصص القسم الثالث للمواد الأثرية الفخارية والبورسلان المبكر منه والمتأخر، وختمت الدراسة بالقسم الأخير الذي تناول الاستنتاجات العامة بعد نتائج التنقيب. وتعتبر النتائج، التي تم التوصل إليها في غاية الأهمية، إذ أضافت إلى حقل الآثار بعداً تاريخياً جديداً، تمثل في معرفة التسلسل الطبقي للموقع، الذي بدأ مع بداية العصر الإسلامي المبكر ثم انقطع وأعيد تشكيل المستوطنة من جديد مع بداية العصر الإسلامي المتأخر. وأكدت نتائج الاستكشاف الأثري أهمية موقع القرينية الذي يطل على البحر مباشرة في العصر وكيفية تشكل القرى القديمة في منطقة الخليج العربي في القرنين السابع عشر والثامن عشر اعتماداً على صيد اللؤلؤ حتى مطلع القرن العشرين. مقارنة موقع القرينية ويمكن مقارنة موقع القرينية بموقع الزبارة في قطر، وبإلقاء نظرة سريعة على الأبحاث الأثرية المتعلقة بهذه الفترة نستنتج أن البحث الأثري مازال في بدايته على الرغم من أن الحفريات التي أجريت في مدينة الكويت والمعلومات التاريخية المتعلقة بهذه الفترة أمدتنا بكثير من المعلومات عن تشكل مدينة الكويت ونموها وازدهارها في وقت متقارب، إضافة إلى الأعمال التي أجريت في مواقع مختلفة من جزيرة فيلكا والتي أكدت بداية الاستيطان فيها إلى العصر البرونزي. ولا يبدو أن موقع القرينية الوحيد العائد للعصر الإسلامي المتأخر، لكنه الأكثر تنقيباً، والبحث الأثري الذي أجري في موقع خرائب الدشت من البعثة الكويتية البولندية سمح باستعادة كمية كبيرة من الفخار الذي من المفترض أنه يعود إلى هذه الفترة، والدراسة المستفيضة التي أجراها الفريق الخليجي في موقع قرية سعيدة تشير إلى معلومات مماثلة لما وجد في موقع القرينية فيما يتعلق بالمادة الفخارية، إضافة إلى المباني السكنية مع أدلة مثيرة عن اكتشاف مسجد في قرية سيعده، وهناك أدلة مماثلة من موقع العوازم في شرق جزيرة فيلكا. اكتشاف عدد من المنازل وبعد اكتشاف عدد من المنازل في قرية القرينية أمكن اليوم رسم تصور كامل للاقتصاد المعيشي في الموقع حيث المباني التي كشف عنها في الموقع هي منازل خاصة ولم يكشف حتى الآن عن أية مباني عامة على الرغم من أنها يجب أن تكون موجودة في القرية، كالأسواق والمساجد. والمنازل المكتشفة هي في الواقع نموذجية، إذ رتبت الحجرات حول فناء وكانت تستخدم لمختلف الأنشطة اليومية، واحتوت على مطابخ وأفران وغرف تخزين ودورات مياه.
مشاركة :