لاشَك ولا جِدال في اهمية وجود مُعارضة وَطنية مُخلصة في الوسَط السياسي المِصري، ولعل احد اهم الاسباب القوية لغياب دور النُخبة وتصحيح مفاهيم المواطنين نحو الوطَن والاخطار والتحديات التي تُواجهه هو غياب المُعارَضة.إن المُعارَضة التي اقصدها هي القادرة علي مُعاوَنة الحكومة بطريق التصحيح؛ وكشف اخطار مُستقبلية ومخاوف وإجراءات، ولا يُقتَصر دورها علي هذا وحسْب؛ بل يمتد الدور الوطني لخلق حلولًا فَعّالة وناجزة لهذه الاخطار والمخاوف.الامر ليس سَهلًا او بسيطًا؛ حيث البُعد كُل البُعد عن كلِ هوي شخصي؛ وعن مصلحة شخصية؛ او مُزايدة فارغة تهدف لتنفيذ اجندات غير وَطنية تحت ستار المُعارضة.وسأكون صريحًا ان قُلت ان المُشكلة الاساسية في عدم وجود تلك الحالة هي "نحن"؛ حيث لا نستطيع التحكم بمقدار معقول في حُبنا او تأييدنا وكذلك في نَقدنا.واستطيع القول بان الشعب المِصري له حالته الخاصة؛ ومِزاجه الخاص؛ ولاشك اننا جميعًا نأخذ كلمة "المُعارَضة" علي انها أساس لخلق مُشكلات او مُطالبة بتحريض ضد مبادئ الدولة وأُسس قيامها.وينبغي علي المسئولين توضيح مِثل هذه المَفاهيم التي نفتقدها؛ والتي كانت سببًا في انهيار بعض النُظم القوية في وقت ما؛ وكانت سببًا في وصول جماعة ارهابية لكُرسي الحُكم؛ وكانت سببًا في جَعلنا وسيلة لكافة وسائل الاعلام المُعادية.والحَق اقول اننا في مِصر نحتاج لهذا الجَناح المُعارض؛ بصبغته الوطنية التي تستكشف النواقص وتُقدم الحلول؛ وتعطي الفرصة لسماع وجهات النظر الاخري.وقد كُنت حالمًا حينما اعتقدت ان بعض الاحزاب يستطيع توجيه تكتل مُعارض وطني؛ يستقطب النُخب الوطنية ويُقدم مشروعات وحلول للعديد من المشكلات التي تواجهها الحكومة. حيث تغلبت المصلحة الشخصية علي مصلحة الوطن؛ وسار كُل فِرق في طريقه راضيًا بمُكتسبات الوجاهة؛ ومُقتنعًا بموقعه الذي لا يُغني ولا يُسمن من جوع.نحتاج للمُعارضة الوطنية لاحداث حِراك سياسي ومُجتمعي واعلامي؛ ينتقد ويقدم حلولًا؛ ويطرح وجهات نظر عملية ومشروعات قابلة للتحقيق والعائد. نحتاج للمعارضة كَمِلح الطعام ان جاز التشبيه؛ لتُعطي الطَبخة رونقها؛ بلا نَقصٍ غير مُعتدل؛ او زيادة غيرُ مَقبولة.
مشاركة :