قال الكاتب حمدي الجزَّار، إن الرواية "شعر" الدنيا الحديثة كما أخبرنا الأستاذ نجيب محفوظ، ولكنها لم تعد شعرًا فقط، لم تحل محل الشعر، ولم تصر "شعرًا" فحسب، لقد صارت، أيضًا، مأدبة لفنون القول، وللفنون جميعًا، و لم تكتف الرواية المعاصرة بحدودها كجنس أدبي له شكله الفني الخاص، وجمالياته المتفردة، وصورته الراسخة في ذهن كلٍّ من الكاتب والقارئ، فقد تخطت ذلك كثيرًا، فالرواية ذات صلة أصيلة بالفنون الأقدم، ذات صلة عميقة بالدراما، بالمسرح، وصلتها جوهرية بالشعر الملحمي على وجه خاص، وإذا تجاوزنا فهمنا للشعر باعتباره تأملًا جماليًّا يحدث في لغة معينة، وانحرافًا لغويًّا، إلى كونه روحًا تسري في نسيج النص تصير كل الروايات الجميلة أعمالًا شعرية.وأضاف الجزار خلال مشاركته في ملتقى القاهرة الدولي للرواية العربية، المنعقد بالمجلس الأعلى للثقافة، لقد صارت الرواية، أيضًا، هي سينما فنون القول لأسباب كثيرة، لعل أهمها "المرونة" المذهلة التي تميِّز الشكل الروائي، هذه المرونة هي التي جعلت الرواية سينما، نرى فيها عالم الحياة البشرية، عالم الحياة اليومية للفرد وللجماعة، والرواية، ببساطة، هي قصة متخيلة، فيها يمكن أن نرى كل حياة الجنس البشري.وأشار إلى أن الرواية استحوذت على جماليات جميع الفنون، وأثرت بها روحها الخاصة، دون أن تريق ماء وجهها أو أن تتخلَّى عن شخصيتها الفريدة، وحضورها الذاتي.وتابع: لعلِّي في روايتي الأولى "سحر أسود" قد جسدت طرفًا من عالم فناني الصورة، فقدمت المصور التلفزيوني والمخرج والمذيع، وعالم البرامج التلفزيونية من خلال شخصية "ناصر عطا الله"، وصوَّرت فيها حيواتٍ تتخذ من الصورة مدخلًا لفهم العالم، والتفاعل معه، وفي روايتي الثانية "لذات سرية" كان بطلي "ربيع الحاج" دارسًا للفلسفة، ويعمل بالإذاعة، ويعيش في القاهرة مع بداية الألفية الثالثة، ولعلِّي قد قاربت، فيها، بعض المشكلات الفلسفية على نحو روائي خاص دون أن أثقلها بالمفاهيم الاصطلاحية، واللغة الأكاديمية للفلسفة، وفي روايتي الثالثة "الحريم" دخلت في حوار فني مع جماليات القصة القصيرة، والفنون التشكيلية، وبخاصة فن البورتريه، وقسمتها إلى فصول، كل فصل فيها باسم امرأة، لها قصتها الخاصة المرتبطة بالقصة الكبرى للرواية كلها، قصة حي طولون، وبطلها "سيد فرج".أما عملي الرابع "كتاب السطور الأربعة"، فقد جعلت منه شكلا أدبيًّا خاصًّا، عماده "السطور الأربعة"، رباعيات مرقمة متتالية، وحدات منفصلة تتسلسل لبناء عمل طويل واحد، واعتبره عملًا عصيًّا على التصنيف، وهو إسهامي الأساسي في ابتكار شكل أدبي جديد.
مشاركة :