ما مصدر النيل؟ ستقول: بحيرة فيكتوريا.. الآن عد 200 سنة إلى الماضي، وأسألك نفس السؤال: هل تعرف ما سيكون جوابك؟ أنا أعرف، ستخرج لي خريطة وتشير إلى سلسلة جبال اسمها جبال القمر وتجيب بثقة: هذا هو المصدر! هذه هي الفكرة التي اعتقدها الكثيرون سابقاً، وكان البحث عن مصدر للنيل مثار اهتمام منذ قديم الزمان، ولم يملك الأسبقون إلا التخرص، حتى ظهر تاجر يوناني اسمه ديوجينوس وزعم أنه سافر براً في شرق أفريقيا 25 يوماً ووصل لمصدر النيل، وادعى أنه ينبع من سلسلة جبال ومن ثم إلى سلسلة بحيرات ثم إلى مصر، وزعم أن أهل المنطقة سموها "جبال القمر". لم يكن هذا مجرد كلام نُسي بسرعة، فقد صدّقه العالم اليوناني بطليموس (القرن 2 ميلادي)، ومنه انتقل إلى علماء آخرين منهم عرب، رغم أن العرب أعرف بأفريقيا من الأوروبيين، إلا أنهم تلقوه بلا مساءلة، ربما لوزن بطليموس العلمي الكبير، وظهرت سلسلة الجبال الوهمية في الخرائط مئات السنين، حتى وصلت للقرن التاسع عشر. يا لها من قوة مقلقة للكذب! ولأفريقيا نصيب وافر من هذه الأحداث ولا أدري لماذا، فهناك ما يسمى جبال كونغ ظهرت على الخرائط قرناً كاملاً قبل أن ينتبه الناس أنها زائفة، ناهيك عن جزيرة نُل الوهمية قبالة سواحل غرب القارة، ونالت شهرة لأنها تقع على الإحداثيات صفر صفر، نقطة التقاء خط غرينتش مع خط الاستواء، ولو ذهبت لتلك النقطة لما وجدت بعد مساحات الماء الشاسعة جزيرة كما كان شائعاً، بل عوامة مائية ترصد الطقس. تلك السابقات خرافات، لكن هذه المعلومة الأخيرة ستكون صادقة لو اعتبرت العوامة جزيرة ضئيلة!
مشاركة :