واصلت وزارة الآثار المصرية، خلال الشهور الأخيرة، نجاحاتها المتتالية في الكشف عن مقابر أثرية مهمة، وأعلنت قبل أيام العثور على مقبرة ترجع إلى العصر اليوناني والروماني بداخلها أقنعة مصنوعة من الذهب. عثرت بعثة أثرية مصرية إيطالية مشتركة، تعمل في منطقة مقابر الأغاخان، الواقعة غرب مدينة أسوان (جنوب مصر)، على مقبرة أثرية منحوتة في الصخر لشخص يدعى "تي جيه تي"، وتعود إلى العصر اليوناني الروماني. وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى وزيري إنه تم العثور في داخل المقبرة على تابوت خشبي يحمل نصا كاملا مكتوبا باللغة الهيروغليفية، والذي استطاعت البعثة الأثرية، برئاسة د. باتريشيا بياسنتي، من خلاله معرفة اسم صاحب المقبرة، إضافة إلى نص آخر لتقديم الشعائر والتراتيل الجنائزية لثالوث الإقليم الأول للمعبود "خنوم وساتت وعنقت"، والمعبود "حابي" إله النيل. وأشار رئيس قطاع الآثار المصرية أيمن عشماوي إلى أن المقبرة تتكون من سلم يفضي إلى حجرة جانبية، عُثر فيها على تابوت منحوت في الصخر، وحجرة أخرى أمامية عثر بداخلها على مجموعة من المومياوات في حالة سيئة من الحفظ، إضافة إلى 3 نيشات محفورة في الصخر. في السياق ذاته، ذكرت بياسنتيني انه تم العثور أيضا على العديد من المقتنيات الأثرية المهمة التي ترجع إلى العصر اليوناني الروماني، منها مجموعة كبيرة من "الكارتوناج"، تتكون من كارتوناج لقدمين مرسوم عليهما أصابع قدمي صاحب المومياء الذي يرتدي صندلا، وتظهر من خلاله أظافر مذهبة، وكارتوناج أبيض، وكارتوناج لغطاء رأس كامل والذي يظهر عليه قرص الشمس المجنح في الأعلى. إضافة إلى قناعين جنائزيين مذهبين، وتمثالين صغيرين أحدهما بحالة جيدة من الحفظ لطائر "البا"، الذي يمثل روح المتوفى، وتظهر عليه جميع تفاصيل الزخرفة، ومجموعة كبيرة من "الأمفورات" مختلفة الشكل، وإناءين من الفخار يحتويان على مادة "القار" المستخدمة في عملية التحنيط. وأوضحت رئيسة البعثة أن البعثة انتهت أيضا من عمل خريطة كاملة للموقع عن طريق رفع معماري لعدد 226 مقبرة من مقابر المنطقة. أسوان... ساحرة الجنوب وتعد أسوان مدينة حضارية ساحرة، وكانت ولاتزال بوابة مصر الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، ويبلغ عدد سكانها نحو 900 ألف نسمة، وكانت تعرف باسم "سونو" في عصور المصريين القدماء ومعناها "السوق"، حيث كانت مركزا تجاريا للقوافل القادمة من وإلى "النوبة"، ثم أطلق عليها في العصر البطلمي اسم "سين"، وعرفت أيضاً باسم بلاد الذهب، لأنها كانت بمنزلة كنز كبير أو مقبرة لملوك النوبة الذين عاشوا فيها آلاف السنين. وبدأت أهمية أسوان في عصر الدولة القديمة، حيث كانت تمثل الحدود الجنوبية للبلاد، كما كانت مركز تجمع الجيوش في عصور الملوك الوسطى لمحاولتهم مد حكمهم جنوبا، ولعبت دورا حاسما في محاربة الهكسوس، وحازت جزيرة "فيلة" موطن الإله إيزيس اهتمام البطالمة فقاموا بإكمال معبدها الكبير، كما قام الرومان بتشييد المعابد على الطراز الفرعوني للتقرب من المصريين. وعندما أصبحت المسيحية الدين الرسمي للبلاد في القرن الخامس الميلادي، تحولت معظم معابد الفراعنة إلى كنائس، فكانت جزيرة "فيلة" مركزا لأحد الأسقفيات، ما أدى إلى انتشار المسيحية جنوبا تجاه بلاد النوبة في مصر والسودان. ومنذ انتشار الإسلام وظهوره، عثر على العديد من الكتابات بالخط الكوفي ترجع إلى القرن الأول الهجري، كما ازدهرت أسوان في العصر الإسلامي بالقرن العاشر الميلادي فكانت طريقا إلى "عيذاب" على ساحل البحر الأحمر، حيث تبحر السفن منها إلى الحجاز، واليمن، والهند، كما كانت مركزا ثقافيا مهما في القرن السادس والسابع الهجري. وتعتبر مدينة أسوان ومحيطها منطقة سياحية وأثرية، حيث يزداد بها عدد السياح الأجانب، وخاصة من أوروبا وشرق آسيا، ومن أهم معالمها السياحية: * جزيرة الفنتين، وتقع قبالة مدينة أسوان، وعرفت في النصوص المصرية باسم "أبو"، ومعناها سن الفيل، وأصبحت في اليونانية "ألفنتين"، حيث يعتقد أنها كانت في وقت من الأوقات مركزا لتجارة العاج، وتضم الجزيرة معبد خنوم إلى جانب وجود مقياس النيل ومقبرة الكبش المقدس وبوابة الملك أمنحتب الثاني. * ضريح أغاخان، ويقع على هضبة على البر الغربي لنهر النيل، وقد شيد بها أغاخان الثالث مقبرة فخمة من الحجر الحجر الجيري والرخام ودفن بها عام 1959 بناء على وصيته، وهذه المقبرة مستوحاة من تصميم المقابر الفاطمية المصرية. * متحف النوبة، وافتتح عام 1997، وشارك في حفل الافتتاح رؤساء عدد من الدول التي شاركت في إنقاذ آثار النوبة، ويعرض به نحو 5000 قطعة أثرية من آثار النوبة القديمة.
مشاركة :