الحراك الشعبي يسحب القوى الكلاسيكية في الجزائر إلى الظل

  • 4/26/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تسير أوضاع الأحزاب السياسية الموالية للسلطة، إلى أزمات معقدة وعميقة، بظهور بوادر الزج بقياداتها في ملفات الفساد المفتوحة من طرف السلطات الأمنية والقضائية، مما جرها إلى حالة فراغ غير مسبوقة ترهن مستقبلها السياسي، وتسحب منها صفة الأغلبية في أي استحقاق انتخابي ينظم لاحقا. وباشرت اللجنة القانونية في مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، الإجراءات الضرورية لرفع الحصانة البرلمانية عن نائب رئيس الهيئة، والأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني جمال ولد عباس، إلى جانب القيادي والوزير السابق سعيد بركات، تحسبا لفتح تحقيقات قضائية معهما تتعلق بالفساد. وجاءت الخطوة، بعد استلام رئيس الوزراء السابق، وأمين عام التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، استدعاء رسميا من المحكمة للاستماع إليه في قضايا مماثلة، بعد ورود اسمه في إفادات أدلى بها الإخوة كونيناف، أثناء التحقيق معهم وقبل إحالتهم على السجن المؤقت بالحراش، خلال هذا الأسبوع. وتعرف الأحزاب الموالية لنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، انشقاقات أفقية غير مسبوقة. وتتواجد جبهة التحرير الوطني، في وضعية فراغ بعد فشل اللجنة المركزية في انتخاب أمين عام جديد، خلفا للمنسق العام المستقيل معاذ بوشارب، والأمين العام المبعد قبله جمال ولد عباس. ويعيش حليفاه في التحالف السياسي المبادر بما كان يعرف بمشروع الولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة، وضعا مماثلا، حيث طالب المكتب الوطني لتجمع أمل الجزائر (تاج)، من عمار غول، بتقديم استقالته قبل دفعه إلى الخروج الضيق، كما اشتدت القبضة الحديدية بين رمزي التجمع الوطني الديمقراطي، الأمين العام أحمد أويحيى، والناطق الرسمي صديق شهاب. وشكل إعلان المحكمة العليا عن إعادة فتح ملف الطريق السيارة (شرق غرب)، ضربة قاصمة لحزب “تاج”، على اعتبار أن زعيمه عمار غول، هو المسؤول الأول عن المشروع، لكونه كان في مطلع الألفية على رأس الوزارة الوصية (الأشغال العمومية). وذكر بيان لمجلس الأمة صدر أمس بأن “رئيس الغرفة صالح قوجيل، ترأس الخميس اجتماعا لمكتب المجلس، خصص لتبادل وجهات النظر حول تحضير المشروع التمهيدي لميزانية مجلس الأمة لسنة 2020، ومناقشة بعض القضايا التنظيمية والإدارية المتعلقة بسير الهيئة”. وأضاف “كما نظر المكتب خلال الاجتماع في طلب وزير العدل وحافظ الأختام، تفعيل إجراءات رفع الحصانة البرلمانية، عن عضوي مجلس الأمة سعيد بركات وجمال ولدعباس، طبقا لأحكام المادة 127 من الدستور، حتى يتمكن القضاء من ممارسة مهامه الدستورية وتفعيل أحكام المادة 573 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية”.وتابع “عملا بأحكام المادة 125 من النظام الداخلي لمجلس الأمة، فقد أحال المكتب طلب وزير العدل، حافظ الأختام المتعلق بتفعيل إجراءات رفع الحصانة البرلمانية، عن عضوي مجلس الأمة سعيد بركات وجمال ولد عباس، على لجنة الشؤون القانونية والإدارية وحقوق الإنسان والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم والتقسيم الإقليمي لإعداد تقرير في الموضوع، ورفعه إلى المكتب، على أن يعرض تقرير اللجنة في ما بعد على الأعضاء للفصل فيه في جلسة مغلقة”. وأشارت تسريبات من محيط السلطة، إلى أن شبهات فساد تحوم حول جمال ولد عباس، منذ سنوات إدارته لوزارة التضامن الوطني، وإلى ممارسات رشى وعمولات تفجرت أثناءإعداد لوائح مرشحي الحزب للانتخابات التشريعية التي جرت عام 2017. في حين يشار إلى تورط العضو القيادي الآخر سعيد بركات، في ملفات فساد وتبديد المال العام، أثناء تواجده على رأس وزارة الفلاحة، لاسيما في ما يتعلق بأموال الدعم الفلاحي التي رصدتها الدولة للنهوض بالقطاع الزراعي، والتي ناهزت 11 مليار دولار. ودخلت أحزاب السلطة في لائحة المؤسسات والرموز المغضوب عليها من طرف الحراك الشعبي، حيث ما انفك متظاهرون يرفعون شعارات رحيل حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي لارتباطهما بالنظام السياسي المؤيد لبوتفليقة، واستفادتهما من ممارسات الفساد السياسي والمالي. ويرى متابعون للشأن السياسي في الجزائر، أنه مهما كانت المخرجات التي ستنتهي إليها حالة الحراك الشعبي، فإن مصير الأحزاب المذكورة سيكون معقدا خلال المرحلة القادمة، ومهما كانت درجة التغيير، فإن ركائز النظام السابق، ستجد نفسها محيدة سياسيا وشعبيا، وهو ما يفقدها مواقعها ونفوذها في المستقبل. ورغم مساعي بعض القيادات في الحزبين لتدارك الأوضاع، عبر مغازلة قوى الحراك الشعبي والتودد إليها، والذهاب لتحضير ندوات ومؤتمرات لتجديد قياداتها وسحب البساط من الوجوه السابقة، كولد عباس ومعاذ بوشارب وأحمد أويحيى وعمار غول، إلا أن الصراعات المشتدة بين مختلف الأجنحة قادها إلى حالة فراغ غير مسبوق، حيث يتواجد الآن حزب السلطة الأول من دون أمين عام.

مشاركة :