أسرار "ذوبان الجليد" بين "العسكري" والحراك بالسودان

  • 4/26/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» عن أن الاجتماع الذي عقد الليلة قبل الماضية بين المجلس العسكري الانتقالي السوداني وقوى «إعلان الحرية والتغيير» أسفر عن نتائج إيجابية. وقالت المصادر إن الجليد بين الطرفين بدأ في الذوبان، وأنه تجري الآن مشاورات مشتركة بين الطرفين حول تشكيل لجنة مشتركة من الجانبين لبحث القضايا الخلافية العالقة، والاتفاق على الأسماء المقترحة لقيادة المرحلة الانتقالية، وصلاحية المؤسسات التشريعية والتنفيذية والسيادية. وأضافت المصادر: إن المسافات ليست متباعدة، وهناك تفاؤل بعد إزاحة عناصر النظام السابق من المجلس العسكري، يأتي ذلك بالتزامن مع مسيرة مليونية أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم تطالب المجلس العسكري الحاكم بتسليم السلطة الى إدارة مدنية. وغصت الشوارع المحيطة بمقر قيادة الجيش بالمتظاهرين الذين رددوا شعارات للمطالبة بمحاكمة المسؤولين في نظام الرئيس المخلوع عمر البشير. وحسب مصادر متطابقة حضرت الاجتماع من داخل قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري سادت الاجتماع روح إيجابية وتفاؤل وحسن نية. وساد الارتياح بعد إعلان المجلس العسكري أنه سينظر في استقالة 3 هم من أعضائه، كانت توجه لهم اتهامات بالانتماء للنظام السابق. وكانت هناك شكوك كبيرة في أوساط الشارع السوداني وقوى الحرية والتغيير بشأن وجود عناصر كانت رئيسة وفاعلة في هياكل النظام السابق ضمن أعضاء المجلس العسكري، ومن بينها الجنرالات الثلاثة الذين تقدموا باستقالاتهم مساء أمس الأول وهم: الفريق أول عمر زين العابدين رئيس اللجنة السياسية، والفريق أول الطيب بابكر، والفريق أول جلال الدين الشيخ. وأعلن المجلس أن رئيسه سيبت في استقالتهم. وقالت مصادر سودانية مقربة من قيادات الحراك إن اتفاقا بينهم بتجميد المفاوضات مع المجلس العسكري ما لم يتم التخلص من العناصر الثلاثة المستقيلة كشرط لاستمرار المشاورات والتفاوض. وأضافت المصادر أن البرهان قد وصلته الرسالة وتصرف بحكمة تقتضيها حساسية الموقف. وأضافت المصادر أن المخاوف تأكدت لدى قادة الحراك خلال جولات الحوار الأولى، التي أظهر فيها الفريق عمر زين العابدين تعنتا وتشددا وفوقية لم يقبل بها ممثلو الحراك الشعبي. وأشاروا إلى أن زين العابدين كان يجنح دائما إلى خلط الأوراق وتعقيد المباحثات لإرباك المشهد، عبر مساواة قوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك الشعبي بالأحزاب التي كانت موالية للنظام السابق. وقال البشري عبد الحميد القيادي بحزب الأمة لـ«الاتحاد» إنه بعد انسداد الأفق بين الجيش وقوى إعلان الحرية والتغيير، تم التواصل بين الطرفين، وتم الاتفاق على استمرار الحوار بينهما، ثم عقد الحوار مساء أمس الأول، وكان إيجابيا، والآن تقوم قوى الحرية والتغيير بإعداد المرشحين بالتوافق بينهم، على أساس مجلس انتقالي مشترك ومجلس وزراء ومجلس تشريعي، لمناقشته مع المجلس العسكري الانتقالي. وأوضح أن قوى الحرية والتغيير كانت قد قامت بتأجيل الإعلان عن الحكومة الذي كان مقررا قبل أيام، لإكمال التوافق كاملا بين مكوناتها. وتوقع القيادي بحزب الأمة أن يستغرق هذا الأمرة بضعة أيام، ما لم تطرأ مفاجآت سياسية. ويرى الكاتب الصحفي السوداني أحمد موسى أن المجلس العسكري ماض إلى حد كبير في اتجاه تسليم السلطة، وأن خطوة استقالة ثلاثة من أعضائه كانوا يمثلون النظام القديم أثبتت حسن نيته، والمطلوب الآن أن تنجز اللجنة المشتركة بين المجلس وقوى الحرية والتغيير المهام المطلوبة منها للدخول في المرحلة الانتقالية، محذراً من خطورة استمرار الوضع الحالي الذي نتج عنه حالة شلل تام في كافة مفاصل الدولة. وأثنى موسى على تأكيد المجلس على أن قوى الحرية والتغيير هي الممثل لحراك الشعب السوداني، وأنها من يجب أن تمثله في المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أن أحد الأسباب الخلافية في الفترة الماضية هو إصرار اللجنة السياسية في المجلس العسكري ورئيسها الفريق المستقيل عمر زين العابدين على الزج بالأحزاب التي كانت تشارك في الحكم مع حزب الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، وشاركته في القمع والفساد، وإشراكها في المرحلة الانتقالية القادمة يعني تعطيل مشروع الانتفاضة السودانية بالصورة المطلوبة، لاسيما فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية أو رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولذا يجب عدم إشراك الانتهازيين والنفعيين في هذه المرحلة الحرجة. ويؤكد عبد المنعم سليمان، مدير تحرير صحيفة «حريات» السودانية، أن الاجتماع تميز بالإيجابية، وكان من أفضل الاجتماعات بين الطرفين، حيث ذوب جليد عدم الثقة، وهذا ما يفتقده السودانيون منذ فترة طويلة، وأعتقد أن الخطوة القادمة ستكون لها علاقة بنتائج هذا الاجتماع، حيث سيتم الاتفاق في غالبية النقاط. ويرى سليمان: أن الاختلاف ربما يكون على مدة الفترة الانتقالية، حيث يريدها أنصار الدولة العميقة للنظام السابق سنتين أو أقل، بينما اتفقت قوى الحرية والتغيير وقوى المعارضة الأخرى على 4 سنوات، وفي تقديري الشخصي أن أربع سنوات غير قادرة على ترميم الخراب الذي أحدثه عمر البشير ونظامه في ثلاثين عاما، ولا سيما بناء الخدمة المدنية التي تم تخريبها بسبب سياسة التمكين للإسلامويين في الوظائف العسكرية والمدنية بالدولة، وآمل أن يتفهم المجلس ذلك، وفي تقديري أنه سيتم الاتفاق على قضايا كبيرة في الفترة الوجيزة القادمة وأعرب سليمان عن اعتقاده بأن رئيس المجلس العسكري ليس له طموحات سلطوية، لذا فإن التفاهم معه سيكون أفضل.

مشاركة :