شدد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم في خطبة الجمعة اليوم على أن من أخطر ضروب الغلو والتنطع هو الغلو المفضي بصاحبه إلى سلوك مسالك التكفير واستحلال أمن الناس ودمائهم لهتكه إحدى الضرورات الخمس التي أجمعت عليها الملل قاطبة وهي ضرورة حفظ الدماء؛ لأن المغالين المتنطعين يقودهم غلوهم إلى التكفير جزافا فيستحلون بسببه دماء المعصومين، فيرهبون ويهلكون ويفسدون والله لا يحب الفساد، مؤكدا أن هؤلاء وأمثالهم أول واقع في ما يحفرونه من حفر،لا يخرج منهم فئة إلا محقها الله، يمقتهم الصغير والكبير والأعمى والبصير، فقد نقضوا بعد غزل وقطعوا بعد فتل، فنعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى ومن الحور بعد الكور، وقال: ما أقبح الإرهاب وما أنذله بدأ بصاحبه فقتله، هتك شرع الله وأمن المجتمع ولحمة الأمة.وانتقد خطيب المسجد الحرام التزويق والتكلف الذي يخرج الإنسان عن المعتاد ويدفعه إلى المبالغة في تطلب ما يشق ويصعب وما ليس له أو ليس بإمكانه.وأوضح أن التكلف ما كان في شيء إلا شانه، ولا نزع من شيء إلا زانه، وقد أحسن من عاش كما هو دون تزويق أو تكلف؛ ليقينه بأنه لن يعيش هنيا رضيا إلا بحقيقته، وما التزويق والتكلف زيادة له في الجاه ولا طولا في العمر، وإذا كان التكلف بريد الإسراف والمراءاة والفشل فإن ترك التكلف بريد القناعة والتواضع والفلاح،وقال إنه من المحزن أن يرى المرء كثيرا من عادات الناس الاجتماعية تتقاذفها مضارب التكلف في اتجاهات شتى تخرجها عن سيطرة العقل والمنطق، إما هروبا من تغيير وإما طلبا للمباهاة وإما شدا لانتباه الآخرين، فثمة تكلف في الكرم وتكلف في الأفراح بل وتكلف في أحزان العزاء، وكم من عادات أوقعت أصحابها في ديون وحقوق وفرقت بين أسر ومحقت بها بركة في النفس والمال والولد، وما أكثر القريبين الذين أبعدهم التكلف، وأهل الكرم الذين أفقرهم، والمستورين الذين كشفهم.ولفت إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن البساطة توسط بين تكلف مفرط وإهمال مفرِّط، والمتكلفون كلابسي الأقنعة فهي لا تدوم على وجوههم أبدا؛ لأن الحقيقة أطول عمرا من التزوير.
مشاركة :