كنت أسمع عنه بصفته التربوية والحركية ، تلاقينا لاحقا" بشكل مكثف يوم أسسنا جبهة العمل الإسلامي فاشتركنا في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي . عرفته رجلا" متزنا" بعيد النظر لا يؤمن بالطيش ويتسع صدره للخلاف . كان دينه ثابتا" لا يتزعزع ومنه ينطلق لحب بلده . يحمل غيرة محمودة وجرأة ولا يقبل مزايدة من أحد على حب البلاد ولطالما كان يكرر حبنا لبلدنا ليس حبا" مصلحيا" . لم يكن يؤمن بالانقسامات والانشقاقات الحركية حيث استوعبها ببعد نظر ولما ذكر أمامه شيء من ذلك قال : دعوهم فإن كانوا على حق فسينجحون والا فقد سبقهم آخرون ذابوا في المجتمع . ترافقنا على مائدة في بيت دولة طاهر المصري أقامها على شرف جلالة الملك عبدالله الثاني ويبدو أن الهدف من اللقاء تحميل الراحل عربيات رسالة ملكية شفوية حيث قال الملك وهو يقسم رغيف الخبز مخاطبا" الدكتور عبداللطيف : ما أخبار جماعتك ؟ قال الدكتور : يدعون لك بالخير. قال الملك : كلامك يعجبني لكن معلوماتي تقول إن قبلتهم " قم " !! قال الدكتور : نحن على ما نحن عليه لم نغير ولم نبدل كما كنا مع الراحل الحسين . قال الملك : لا أريد جوابا" الان ولكن قل لهم إنْ غيروا فسوف نغير . هذه هي الرسالة . التفت الملك إلي وقال : أنت تعرف ايران فهل تريد ايران دولة فلسطينية ؟ قلت : ولا أردنية . يا جلالة الملك : الأردن مهدد من التكفيريين والتفجيرين وإيران . وحتى نواجه هذه المخاطر فلا بد من إحياء التحالف غير المكتوب بين الإخوان والدولة لأن الإخوان ليسوا تكفيريين ولا يؤيدون السياسة التوسعية لدولة ايران الحالية . شعرت وأنا أقول ذلك بفرح الدكتور عربيات لأن كلامي ينطلق من شخص خارج التنظيم .قبل بضعة أشهر وقفنا في الجامعة الأردنية نؤبن الراحل الدكتور اسحاق فرحان وكانت له كلمة ، ولي كلمة وشهدت بما أعرف عن الدكتور اسحق وقلت : أقول هذا وأنا خارج التنظيم منذ عام 1997 فقاطعني الدكتور عبداللطيف وقال : من قال ذلك ؟ أبلغك أنك مطالب باشتراكات مالية للتنظيم فكانت مجاملة لطيفة من رجل لطيف وأخ كبير ومربٍ فاضل . ويوم غادر الإخوان رموزٌ كبارٌ تنظيميا" قال عبداللطيف : لو غادر الجميع فلن أغادر بل أنا آخر أخ مسلم ولو لم يبق في الاخوان الا واحد لكان الواحد أنا . هذا رجل التربية والمبدأ الذي لم أسمع منه طعنا" ولا اتهاما" ولا غمزا" ولا لمزا" . كان محل اتفاق واذا سمع طعنا" من قصار النظر دعا الى إهمالهم وقال : لا يصح الا الصحيح . عاش كبيرا" مربيا" إصلاحيا" ومات طاهرا" مصليا" ضيفا" في بيت ربه الكريم ، تحفه الملائكة ويحيط به المصلون الأطهار فرحمة الله عليك من رجل ختمت بحسن الختام وعقيدتنا تقول كل إنسان يبعث على الحالة التي مات عليها . اللهم اجمعنا به في جنات النعيم .
مشاركة :