العموش يكتب: الإسلاميون في تونس

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إن معرفتي بالسيد راشد الغنوشي تعود الى ربع قرن فقد شرفني في بيتي يوم كان عضوا" في الوفد الإسلامي العالمي الذي تجمع في عَمّان في جاهة إسلامية دعوية شعبية سياسية توجهت الى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لإقناعه بالخروج من الكويت درءا" للمخاطر التي ترتبت على احتلال الكويت وبالطبع وكما قال راشد الغنوشي رفض صدام وقال هذه المحافظة 19 (محافظة النداء) . بادر الغنوشي للاستفادة من الزيارة فطلب من الرئيس الإفراج عن بعض الإخوان في سجون بغداد فاستجاب الرئيس وتم الإفراج عنهم فورا" . هذه الحادثة تدل على شخصية راشد أنه رجل عملي لا يبكي على الأطلال بل يعمل بفن الممكن . قدمت هذه الكلام لأقول ان راشد قد قاد النهضة في ظروف محنة جماعته من ويلات حكم زين العابدين وقبله بورقيبة ونجح في الظرف الصعب فلم يتحول حزبه الى السلاح والاغتيالات والمواجهة بل صبروا وقد رأينا بانوراما ملفتة : طائرة الهارب زين العابدين تفر فرار اللصوص بينما طائرة الغنوشي تعود عودة الصابر على الظلم والغربة في استقبال حار من قبل محبيه ومؤيديه . سأل أحدُ الضيوف راشدَ الغنوشي في بيتي : لماذا تغيرون اسمكم من حركة اسلامية الى حركة الاتجاه الاسلامي الى النهضة ؟ قال راشد مبتسما" : إنْ هي إلا أسماء نعم راشد يهمه المضمون وليس الشكل فالهياكل والأسماء ليست مقدسة فهي اختراع بشري نغيره وفق المصلحة . لم يستعجل لحزبه كي يسيطر بل لما شعر بأن وجود رئيس وزراء من النهضة سيسبب مشكلة لتونس انسحب بذكاء معلنا" أن تونس فوق كل الأحزاب . ولما ترشح المرزوقي للرئاسة وقف معه ، فالمرزوقي وإنْ كان من حزب آخر لكنه رجل زميل له في السجن وهو صاحب مبدأ وهو رجل صادق وجريئ فضرب راشد بذلك مثلا" في الانفتاح على كل القوى وايمانه بالتعددية التي عبر عنها في كتابه " الحريات العامة " . والدرس الأكبر من راشد انه لا يقدم نفسه للمواقع فلم يترشح لرئاسة الوزراء ولا الرئاسة وهذا درس كبير لكل قادة الأحزاب الذين يهرولون ليكون الحزب خلفهم ولهم فهم الحزب والحزب هم !! . اليوم يتقدم الحزب بمرشح للرئاسة وهذا حق للنهضة بعد ان عرفهم التونسيون بأنهم ينادون بالحرية والمسؤولية والبناء والإعمار ورفع الظلم عن الناس ، ولن يكونوا كما يقول البعض على منوال ما جرى في مصر ، فراشد وان كان من الإخوان الا انه يفكر بطريقة مختلفة، ولو فاز مرشح النهضة فلن يكون الا تونسيا" خادما" لتونس وفق معادلة الممكن وهذا ما يريده الشعب . واذا لم ينجح فستقدم النهضة التنهئة للمنافس الآخر وبهذا يعلمنا التونسيون درسا" مهما" في احترام الصناديق ونتائجها وهم بهذا يلغون من تفكير الأجيال فكرة السطو على السلطة بالانقلابات كما حصل ويحصل في حالات التخلف . إن الاسلاميين مواطنون ومن حقهم المنافسة وتولي السلطة شريطة السير بالبلاد وفق الممكن في مراعاة تامة للعلاقات الدولية والمصالح العليا للبلاد في وحدة وطنية لكل أبناء الشعب . هذا ما نريد ان يفهمه الإسلاميون كما نريد ان يفهمه الذين يمارسون الإقصاء للاسلاميين وكأن البلاد حلال لكل طير حرام على بلابله !! لنتخيل الحالة الأردنية حيث مر على الأردن أكثر من مائة حكومة لم يكن منها حكومة واحدة بقيادة شخصية اسلامية او حزب اسلامي !! فهل من المنطق أن يقفز للسلطة كل راغب سواء كان مؤهلا" أم لا ؟!.

مشاركة :