كشفت مصادر دبلوماسية عن كواليس النقاشات الثنائية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك خلال لقائهما على هامش مشاركتهما في قمة منتدى الحزام والطريق بالعاصمة الصينية بكين، مؤكدة على أن النقاط الأبرز كانت حول تطور الأوضاع في ليبيا والتشاور بشأن رفع الحظر الدولي على السلاح الذي يحتاجه الجيش الوطني الليبي خلال مكافحته مع الجماعات الإرهابية. وأضافت المصادر لـ«الاتحاد» أن الجانب الروسي أيد الرؤية المصرية في دعم الجيش الوطني الليبي إلى جانب الحلول السياسية، وكذلك شملت تفاصيل النقاش القضية الفلسطينية والقرارات الأميركية بشأن فلسطين وسوريا وخاصة أرض الجولان المحتلة. وكان السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية ذكر في بيان أن الرئيس الروسي قدم التهنئة للرئيس السيسي على نجاح عملية الاستفتاء الأخيرة على تعديل الدستور والمشاركة العريضة من جموع الشعب المصري، وهو الأمر الذي يمهد لاستمرار عملية التنمية والبناء في مصر في مناخ من الاستقرار والأمن، كما أشار بوتين إلى الأهمية التي يوليها لاستمرار التنسيق والتشاور مع الرئيس بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتقديره لدور مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وأشادت نهى أبو بكر، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، بالتشاور بين مصر وروسيا والتعاون المشترك بين البلدين، في ضوء الجهود التي يقوم بها الرئيسان السيسي وبوتين، منذ تولي السيسي إدارة مصر في عام 2014، خاصة مع الفتور في العلاقة الذي امتد أكثر من 40 عاماً، نتيجة التقرب الواسع بين الولايات المتحدة الأميركية ومصر، ما أدى إلى ضعف العلاقات مع الجانب الروسي، والذي لطالما كان مساعداً لمصر وسنداً لها. وأضافت أبو بكر لـ«الاتحاد» أن اللقاء في العاصمة الصينية بكين له العديد من المؤشرات، خاصة مع العلاقة الثنائية والخاصة بين الجانبين الروسي والصيني، والذين يمثلان المواجه للجانب الأميركي، والذي يعتبرهما المنافس الوحيد سواء على المستوى السياسي من جانب روسيا أو من الجانب الاقتصادي من جانب الصين، وبالتالي وجود الرئيس عبد الفتاح السيسي كرئيس لأكبر دولة في الشرق الأوسط كجزء من هذا التحالف مع علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأميركية يمثل إنجازاً كبيراً. وذكر البيان المصري أن السيسي أعرب عن حرصه على تعميق علاقات الشراكة مع روسيا الاتحادية في إطار التطور المستمر الذي تشهده تلك العلاقات والذي تكلل بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة خلال زيارته الأخيرة لروسيا في أكتوبر 2018، مشيداً في هذا الصدد بالتعاون الثنائي القائم في العديد من المجالات والمشروعات المشتركة التي سيتم البدء في تنفيذها، خاصة مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في شرق بورسعيد، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية. وأشار المُتحدث الرسمي إلى أن الرئيسين تطرقا خلال اللقاء إلى عدد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية، ومنها استئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر، حيث أشاد الرئيس الروسى بالجهود التي قامت بها السلطات المصرية في تأمين المطارات، والتي ستدعم استئناف رحلات الطيران الروسي عقب انتهاء المشاورات الفنية الجارية بين الجانبين حالياً، فضلاً عن مشروع محطة الضبعة النووية، والتعاون في مجال تطوير منظومة السكك الحديدية بالإضافة إلى التعاون المشترك في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب. وأشاد السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، باللقاء بين السيسي وبوتين على خلفية حضور قمة الحزام في العاصمة الصينية بكين، مؤكداً أنها سيكون لها العديد من الأدوار فيما يتعلق بالأمور السياسية والاقتصادية، ومنها السياحة بين الجانبين على سبيل المثال، مع تصدر السياح الروس، عدد السياح الأجانب الزائرين للمناطق السياحية في مصر، وعقب قرار استمر فترة طويلة من منع السياحة الروسية في مصر. وأضاف حسن لـ«الاتحاد» بأن واحد من أهم التصريحات التي خرجت عن الرئيس الروسي بوتين خلال القمة هو إشادته بالجهود المصرية المبذولة في تأمين المطارات والحركة الملاحية الجوية، كدليل واضح على رضا الجانب الروسي على هذا الأمر، وهو ما قابله الرئيس عبد الفتاح السيسي ببذل المزيد من الجهد للتعاون سويا في مختلف المجالات، وأهمها الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، وذلك بالتعاون مع الجانب الصيني أيضاً. وأبرز ما رصدته «الاتحاد» خلال لقاء الرئيسين في بكين هو استعراض التعاون الثلاثي ما بين مصر وروسيا في القارة الأفريقية في ضوء رئاسة مصر الحالية للاتحاد الأفريقي، وفي هذا السياق تم التطرق للقمة الأفريقية الروسية القادمة المقرر عقدها في أكتوبر المقبل، حيث تم التأكيد علي أهمية بلورة نتائج فعلية وعملية لتلك القمة لصالح الشعوب الأفريقية بالمقام الأول، باعتبار أن القمة تستهدف إرساء خريطة للتعاون المُستدام بين روسيا والدول الأفريقية. وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الاتحاد»، فإن اللقاء شهد توافق الرؤى على حتمية التمسك بالتوصل إلى حلول سياسية لمختلف تلك النزاعات وفق المرجعيات الدولية ذات الصلة، في قضايا فلسطين وسوريا واليمن وليبيا.
مشاركة :