ربما عندما نسمع عن أمراض ظهرت فجأةً في عصرنا هذا ولم تكن موجودة من قبل، أو أنها كانت موجودةً ولكن لم يتم التعرف عليها أو اكتشافها إلا في وقت سابق قد يصعب علينا تصديق وجودها، أو إصابة أحد بها. ولعل "بطانة الرحم الهاجرة" إحدى تلك الأمراض المجهولة لدى الكثيرين رغم ما يخفيه هذا المرض من خطورة على السيدة المصابة به. ومؤخرًا حذر رئيس الجمعية السعودية للمناظير النسائية الدكتور "سمير سندي" من هذا المرض، كونه بات يشكّل تهديدًا حقيقيًّا للنساء في المملكة خاصةً مع ارتفاع المساحة العمرية للإصابة به من 15 إلى 49 سنةً، موضحًا أنّ أكثر من 176 مليون سيدة في العالم يعانين من هذا المرض. الدكتور "سندي" وفي مداخلة له بالملتقى السعودي الثاني لمرض "بطانة الرحم الهاجرة" في الرياض أكد عدم وجود دراسة عن مرض البطانة الهاجرة على مستوى المملكة عدا دراسة أقيمت في مدينة الملك فهد الطبية بالرياض كشفت أنّ نسبة السعوديات المصابات بالمرض 13%. مبينًا أنّ المرض يعتبر سببًا من أسباب حالات العقم لدى النساء. مشيرًا إلى أنّ الفتيات غير المتزوجات والمصابات به تتم معالجتهنّ من خلال وصف حبوب منع الحمل لهنّ لإيقاف المبايض حتى لا تسوء الحالة، ولا تعتبر الحبوب سبباً للعقم، بل تكون نوعًا من العلاج. الدكتور هشام عرب بين بدوره أنّ مرض بطانة الرحم الهاجرة لم يتم التعرف على سبب رئيسي له. أما أمين عام الجمعية السعودية لأمراض النساء والولادة الدكتور فيصل كشقري أوضح أنه مما يزيد الأمر تعقيداً على الباحثين والأطباء حتى اليوم أنه لا يعرف السبب في هذا المرض على وجه التحديد، وكل ما هو معروف هو مجرد نظريات وافتراضات لم تثبت صحتها بعد على وجه اليقين. مشيرًا إلى أنّ مضاعفات المرض تتمثل في حصول ألم في الحوض المزمن، وأكياس المبايض، واضطرابات بالدورة الشهرية، إضافة إلى العقم وتأخر الحمل. بحسب الرياض تجدر الإشارة إلى أنّ مرض بطانة الرحم المهاجرة (endometriosis) يعد من الأمراض المزمنة والمقلقة التي تثير مخاوف الزوجين عند تشخيصها خوفًا من عدم إمكانية الإنجاب، وهو مرض شائع الحدوث على المستوى العالمي حيث تصل نسبة الإصابة به إلى نحو عشرة في المئة من نساء العالم، وتحدث ثلثا الإصابات في سن الإنجاب (25 - 45 عامًا). أما أسبابه حدوثه فما زالت مجهولةً، إلا أنّ هناك نظرية تفيد أنّ بطانة الرحم تتحرك خلال فترة الحيض ليس فقط باتجاه المهبل، ولكن أيضًا باتجاه تجويف البطن من خلال قناة فالوب. ونظرية أخرى تقول إنّ احتمالية الإصابة بهذا المرض تكون بسبب إفرازات هرمونية من جوف الرحم تتنقل إلى أماكن خارج الرحم، وبسبب تأثيرها الهرموني تحرض أنسجة أخرى على التحول إلى أنسجة شبيهة لتلك المبطنة لجوف الرحم. والثابت أنّ للعيوب المناعية والوراثية دورًا مهمًا في حدوث هجرة بطانة الرحم.
مشاركة :