بدأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس جولة حاسمة من المفاوضات مع نظيره الايراني جواد ظريف في مدينة لوزارن السويسرية على أمل التوصل الى اتفاق تاريخي يحول دون حيازة ايران القنبلة الذرية. والتقى وزيرا الخارجية اللذان لا يقيم بلداهما علاقات دبلوماسية منذ 35 عاماً في فندق بوريفاج بالاس في لوزان، ورافقهما وزير الطاقة الاميركي ايرنست مونيز ورئيس الوكالة الايرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، ولم يدل أي من من الوزراء بأي تصريح أمام الصحافيين عند وصولهم. وبعد 12 عاماً من التوتر الدولي و18 شهرا من المحادثات المكثفة حددت ايران ودول مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا) مهلة تنتهي في 31 مارس الجاري للتوصل الى اتفاق يضمن عدم امتلاك ايران القنبلة الذرية مطلقا مقابل رفع العقوبات. وقبل وصوله إلى لوزان قال كيري الذي يشارك شخصياً في المحادثات منذ أشهر في تصريحات صحافية "دعونا ننتهي" من الملف النووي الايراني الذي يشكل توتراً للأسرة الدولية منذ عقد. الا أن كيري لم يخف وجود "خلافات كبيرة" قبل أسبوعين على انتهاء المهلة، وذلك دون أن يعلق على مضمون المحادثات. وبعد اتفاق مرحلي في نوفمبر 2013 أرجأت مجموعة 5+1 وايران مرتين المهلة من أجل التوصل الى اتفاق نهائي، وحذرت واشنطن من أنه لن يتم التمديد مجدداً. وأعرب ظريف من جهته عن أمله في التوصل الى "حلول في الايام المقبلة". من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس إن المحادثات الرامية إلى إنهاء الأزمة المستمرة مع إيران بسبب برنامجها النووي لا يزال أمامها طريق طويل قبل أن تتوصل القوى الغربية لاتفاق مع طهران. وقال هاموند للصحافيين لدى وصوله إلى اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل "نحن أقرب مما كنا عليه لكن لا يزال أمامنا طريق طويل... هناك مجالات حققنا فيها تقدماً وهناك مجالات نحتاج أن نحقق فيها تقدماً". وعلى الصعيد نفسه، قالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني أمس إن المحادثات المتعلقة بطموحات إيران النووية تدخل مرحلة حاسمة في إطار مساعي إنهاء النزاع المستمر منذ 12 عاماً وإنه لا يزال يتعين على جميع الأطراف الوصول إلى "أرضية مشتركة". وقالت موجيريني التي ستجتمع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اليوم ثم ستترأس محادثات مع نظرائها في ألمانيا وبريطانيا وفرنسا "ندخل مرحلة حاسمة.. أسبوعان حاسمان من المفاوضات ينبغي التوصل خلالها لأرضية مشتركة من أجل اتفاق جيد." إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إنه لن يكون هناك جدوى من مواصلة التباحث بعد نهاية مارس ما لم يتم التوصل إلى اتفاقية إطارية. وفي حال التوصل الى اتفاق سياسي بحلول نهاية الشهر الجاري فان مجموعة 5+1 وايران ستقوم بوضع اللمسات الأخيرة على كل التفاصيل التقنية بحلول 30 يونيو المقبل، وسيحدد الاتفاق المحاور الكبرى لضمان الطابع السلمي للأنشطة النووية الايرانية واستحالة توصل طهران الى صنع قنبلة ذرية كما سيحدد مبدأ مراقبة المنشآت النووية الايرانية ومدة الاتفاق وجدولاً زمنياً للرفع التدريجي للعقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الايراني. وهناك خلاف بين ايران ومجموعة 5+1 حول وتيرة تعليق العقوبات اذ تريد طهران رفع الاجراءات العقابية التي تفرضها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي دفعة واحدة لأنها تخنق اقتصادها وتسبب لها بعزلة دبلوماسية منذ سنوات. وتعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما عدة مرات ببذل كل الجهود بما فيها العسكرية لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي. لكن ومنذ اتصاله الهاتفي مع نظيره الايراني حسن روحاني في سبتمبر 2013، فان اوباما يعول على السبيل الدبلوماسي مع طهران وجعل من التقارب معها احدى أولوليات سياسته الخارجية. ومن المقرر أن يلتقي ظريف في بروكسل غداً نظرائه البريطاني والفرنسي والألماني ومن الاتحاد الاوروبي قبل العودة الى لوزان، وسيشارك المفاوضون من الدول الخمس (روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا والمانيا) في المحادثات. الا أن امكان التوصل الى اختراق تاريخي أثار جدلاً حاداً في الكونغرس الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون حيث قال زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب ميتش ماكدونال "يبدو ان الادارة على وشك التوقيع على اتفاق سيء جداً مع أحد أسوأ الأنظمة في العالم ما سيتيح له الاحتفاظ بالبنى التحتية النووية التي يملكها".
مشاركة :