إيران - تركيا - قطر... محور الشر يتهاوى

  • 4/30/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بحثت عن موقف إيجابى واحد لنظام طهران يمكن ربطه بالعالمين العربى والإسلامى فلم أجد، كل ما وجدته تهديدات، مؤامرات، تجسس، تجييش مذهبى، وأخيرًا حشد لقضايا هامشية وادعاءات حول القضية الفلسطينية.والأهم من كل ما سبق رعاية الإرهاب، وتأسيس ميليشيات إرهابية، وتمويل عناصرها وتدريبهم والتخطيط لهم، تلك هى إيران منذ أن تسلّم الملالى السلطة، واليوم لا يختلف كثيرًا عن الأمس، فها هى طهران تهدد بإغلاق مضيق هرمز، وتهدد دول المنطقة، بينما فى خطابهم هم «حمامة سلام»، لكن هل تستطيع إيران بقيادتها لمحور الشر فى المنطقة (تركيا - قطر) تنفيذ أى من تهديداتها؟ وهل تستطيع دول المحور أن تساندها وتقف معها مثلما يدّعى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان؟بكل المعايير لا تستطيع إيران أن تنفّذ أيًا من وعودها، هى تدرك ذلك، وواشنطن أيضًا تدرك ذلك، أما بقية دول المحور فهم يأملون فقط أن تقف طهران بوجه واشنطن، لكنهم أضعف من أن يساندوها، وسنوضح لماذا.قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووى أرعدت إيران وهددت بالتخصيب وبالذهاب إلى أبعد من ذلك، لكن لا شيء من هذا حدث، ثم تم تصنيف الحرس الثورى منظمة إرهابية، أيضًا هددت، لكن ردّ فعلها لم يخرج عن تغييرات لأحجار الشطرنج فى هيكل المنظمة الإرهابية، وتصريحات عدائية للاستهلاك الإعلامى الداخلى فقط، ثم تم تشديد العقوبات ومنع الإعفاءات من العقوبات المفروضة عليها، فجنّ جنونها إلى اليوم، لكنها أيضًا لا تملك فعل شيء، بل إنها باتت أضعف بعدما اتضح تراخى الموقف الأوروبى، وحتى الصينى والروسى، الذى سعى أن يكون محايدًا قدر الإمكان، ولمصالحه قد يكون أكثر من يقف موقف المتفرج إذا ما سعت إيران فى شكل أو آخر لتعطيل الملاحة فى مضيق هرمز، فالمعروف أن الممرات المائية تحت حماية القوات الأمريكية، بالتالى لا واشنطن تريد أن ترتكب طهران حماقة من هذا النوع، حتى وإن كانت متأهبة لتوجيه ضربة عسكرية محدودة لمواقع استراتيجية، ولا طهران تود أن ترتكب هذه الحماقة وتعطى واشنطن الفرصة التى تعرف سلفًا نتائجها.نأتى الآن للسيد أردوغان، فهذا الرجل كانت لديه فرصة لفعل الكثير لو أنه يلتزم الصمت، لديه هواية أن يضع بلاده فى ورطة، لذلك ما إن يخرج من واحدة حتى يسقط بأخرى أسوأ، فقد خرج على الفور بعد تصنيف الحرس الثورى الإيرانى منددًا، قد نتفهم أن ذلك موقف صورى الغرض منه الإبقاء على علاقة المنفعة مع طهران، لكنه لم يقف هنا، بل خرج رافضًا إعلان تشديد العقوبات على طهران، مؤكدًا أنه لن يلتزم بها، وهنا أيضًا قد نتفهم دوافع هذا الرفض، فبلاده التى تعانى مشكلات اقتصادية جمّة، جراء الفساد، والاستحواذ على الاقتصاد التركى لمصلحة أقاربه، تشكل إيران مصدرها الأول للطاقة، بما يتجاوز ٤٤ فى المئة من مجموع إمدادات النفط، و١٧ فى المئة من إجمالى واردات الغاز، إلا أن العقوبات التى فرضتها واشنطن لا تقتصر على تركيا فى ظاهرها، بل هى عامة، وإن كانت فى أعماقها تمسّها - أى تركيا - فى شكل مباشر، لدرجة تبدو وكأنها عقوبات ضدها أيضًا، وهذا ما أربك حسابات أردوغان، فهو يدرك أنها عامة، ويدرك أيضًا أن واشنطن لن تتهاون فى التعاطى مع من ينتهك تلك العقوبات، ولعله يعلم أيضًا أن واشنطن تتمنى من ينتهك تلك العقوبات لتظهر مدى جديتها فى هذا الشأن تحديدًا.جميعنا يعلم حجم الأزمة الحالية بين واشنطن وأنقرة، على الأقل فى ما يتعلق بأزمة صواريخ إس ٤٠٠، فواشنطن حذّرت مرارًا الحكومة التركية من الصفقة، لكن هذه الأخيرة لم تتغاضَ عن تلك التحذيرات فقط وتتجاهلها، بل ذهبت أبعد من ذلك، إلى دفع جزء من قيمتها، لذلك هى اليوم فى مأزق كبير، ليس لأجل التهديدات الأمريكية بإلغاء صفقة إف ٣٥ فقط، بل بما يتبعها من امتيازات ستفقدها تركيا حال إلغائها، وفى علاقتها مع الروس والدفعة التى قدمتها.محور الشر يعيش أسوأ أيامه، طهران اليوم لا تملك الكثير من الأوراق؛ فالعراق الذى كانت تعتبره منصة لإطلاق سياساتها بات أكثر استقلالية، ويسعى للنأى بنفسه عن الخلاف الإيراني- العربى والإسلامى، وفى سوريا أصبح الروسى هو الآمر الناهى، وفى لبنان أيضًا تقف إسرائيل بكل عتادها للإجهاز على «حزب الله»، وهذا ما ورد على لسان أمينه حسن نصر الله، أما فى اليمن فعناصرها عاجزون، لم تعد لديهم المساحات الكافية للمناورة وتمرير أجندتها. إذًا طهران تعيش مرحلة تقليم الأظافر، والعقوبات ستشكل أمامها عائقًا كبيرًا لتمويل أجنحتها الإرهابية، بل إنها ستضعها أمام خيارين دولة أو لا دولة، بينما أنقرة ليست أفضل حالًا، فهى تدفع ثمن رعونة سياساتها، سواء فى الداخل أمام مواطنيها أم استعداء الخارج بتصريحات رئيسها وتناقضاته، ما قلّص من حضورها ونفوذها، وجعلها دولة تعيش على الأزمات وتقتات منها، أما قطر، ثالث محور الشر، فلا أعتقد أنها تستحق أكثر من بضع كلمات؛ فـ«العمامة الإيرانية والطربوش التركى استحوذًا عليها، ولم يبقيا شيئًا من عروبتها، وها هى تبحث عن الدفء فى أحضان كل منهما».نقلًا عن «الحياة» اللندنية

مشاركة :