مسكين الفأر ميكيهيثم الزبيديالمال كثير إلى درجة أن شركة ديزني التي عاشت على ابتكار الشخصيات الكرتونية لقرن تقريبا من الزمان، صارت تشتري الشخصيات والأفكار لكي تستمر بالنجاح.مسكين الفأر ميكي. سيدوسونه.أفلام الأبطال الخرافيين مطبعة للفلوس. كنا نعتقد أن ديزني أمسكت بخيوط صنعة أفلام الكارتون التي تحقق مئات الملايين، حتى جاء من يثبت شيئا آخر. مع كل فيلم تطلقه شركة مارفيل، يتم كسر أرقام قياسية جديدة. آخر هذه الأفلام هو “المنتقمون: اللعبة النهائية”. أي نفط وأية صناعة طيران وأية فنادق سياحية؟ هذا فيلم يستطيع أن يحقق 1.2 مليار دولار في عطلة نهاية أسبوع. رقم يستطيع أن يعدّل عجز الميزانية لنصف دول العالم، وربما أكثر. رقم قد يكون الناتج القومي السنوي لعدد لا بأس به من أمم يصحو سكانها يوميا ويذهبون إلى أعمالهم ويعودون يملأهم الفخر بما أنجزوه.من قبل العائد الكبير هناك السوق. العالم الغربي يعمل على أرقام مالية مختلفة. عندما كان برميل النفط بعشرين دولارا، كان يصل إلى المستهلك بمئتي دولار. وهذه سلعة أساسية وليست معقدة. يمكن القول براحة إن النفط وكل مشتقاته هي سلع بدائية. طاقة أحفورية تسحب من الأرض وتصفى بتكنولوجيا بدائية نسبيا وتحرق.السلع ذات القيمة المضافة هي ما يجعل الفارق كبيرا عند الغرب: التكنولوجيا الحياتية والمعلوماتية والخدمات. لكن الترفيه كان سلعة تتلمس طريقها منذ فترة طويلة بين النجاحات والإخفاق. في البداية، حققت أفلام سينمائية قليلة النجاحات الكبرى. شبكات التلفزيون ذهبت إلى البيت بدلا من أن نذهب نحن إلى السينما، فصارت أهمّ. قويت شوكة التلفزيون أكثر بوصول الفضائيات. الترفيه كان إضافة. لكننا وصلنا العصر الراهن وصرنا لا نستطيع العيش من دون ترفيه. أي منزل هذا الذي لا يمتلك صحنا لاقطا أو اشتراكا في خدمة البث التدفقي؟المال الكثير في الغرب (ومؤخرا الصين وكوريا الجنوبية)، يخلق واقعا مختلفا. دورة المال في الغرب كبيرة وواسعة لأنها تحررت منذ وقت طويل من إشباع الغريزة بالأكل والدفء، بل وما بعد العصر الصناعي والمعلوماتي. المزارعون والصناعيون وحتى علماء المعلوماتية يعيشون على هامش الأرباح بحكم المنافسة. الترفيه هو السلعة التي لم تستكشف بشكل كامل بعد، سواء بالإنتاج أو بالتوزيع.ولهذا السباق اليوم على أشدّه. المال كثير إلى درجة أن شركة ديزني التي عاشت على ابتكار الشخصيات الكرتونية لقرن تقريبا من الزمان، صارت تشتري الشخصيات والأفكار لكي تستمر بالنجاح. ميكي يشتري أشرار “حرب النجوم”. الشركة التي عاشت على توزيع إنتاجها على المنصات المختلفة، تعود الآن لتفكر بالاحتكار لأنها تريد أن تكون مطبعة الفلوس عندها بالكامل، صناعة وإنتاجا وتوزيعا.كل شيء متضخم وعالي الصوت وفاقع الألوان في سلسلة أفلام مارفيل. من الرجل الحديدي إلى كابتن أميركا إلى الرجل الأخضر. ولكن هذه أفلام تعكس صورة عالمنا اليوم. مسكين الفأر ميكي. سيدوسونه.كاتب من العراق مقيم في لندن
مشاركة :