«تفاحة آبل» والأنثى وقواعد الذكورية و«مدام بوفاري»

  • 5/2/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شهد صالون «بحر الثقافة» في اليوم الختامي لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، سلسلة من الفعاليات، كان أبرزها المحاضرة التي ألقاها فيصل الحمادي مستشار وزير التربية والتعليم وعنوانها: «من تفاحة آدم إلى تفاحة آبل»، وتحدث فيها عن المهارات التي يتطلبها سوق العمل، وبيّن الكفاءات التي يجب أن تتوافر في الخرِيجين من الشباب ليستطيعوا الالتحاق بهذه السّوق، وأوضح أن نمط الحياة الذي يتغير في الوقت الحالي يؤدي إلى اختفاء وظائف كثيرة مرتبطة بهذا النمط، مشيراً إلى أن وظيفتي (الغواص) و(النهام) اللتين كان يعتمد عليهما من كانوا يكسبون لقمة عيشهم من مهنة (صيد اللؤلؤ) في دول الخليج العربي، مثلاً، قد اختفتا بسبب تراجع مهنة صيد اللؤلؤ، واختراع اللؤلؤ الصناعي الياباني، كما أن اكتشاف النفط في دول الخليج العربي أفضى إلى ظهور وظائف جديدة لتلبية حاجة السوق إلى المهن التي تطلبها ظهور هذه الثروة الطبيعية. ولفت المحاضر النظر إلى المخاطر المحتملة قائلاً: ما لم تتنبه الحكومات إلى خطورة ما يحدث، وتمتلك الخطط الاستراتيجية لمواجهة هذه التحديات، وتدرب أبناءها على امتلاك المهارات العلمية والتكنولوجية والعلمية المطلوبة، فسوف يؤدي ذلك إلى حدوث بطالة في أكثر البلدان تطوراً، مبيناً أن الدراسات تشير إلى أن 47 % من الوظائف في جامعة أكسفورد سوف يتمُّ الاستغناء عنها، كما أنّ 27 % من الخريجين الجدد سوف يشتغلون في وظائف مستحدثة أفرزتها الثورة الصناعية الرابعة. كذلك ألقت الدكتورة بدرية البشر محاضرة بعنوان «الأنثى في لعبة قواعد ذكورية» وأشارت إلى أن موضوع المحاضرة عرض لكتاب شرعت في كتابته عن النساء الخاضعات، المستكينات لهيمنة الرجل، واللواتي حققن ذواتهن من خلال القبول بهذه الهيمنة، وترى أن واقع المرأة تغير في العالم كله، وفي الوطن العربي أيضاً، وتؤكد أن المرأة حققت الكثير مما كانت تحلم به، واستطاعت أن تتبوأ مناصب حساسة، وتنهض بمسؤوليّات جسيمة، ولكن ذلك كله لم يوصلها إلى السّعادة المرجوة، ولم يحقق لها التوازن المطلوب. وفي رأيها أن المرأة العربية غدت مثقلة بالتعب بعد خروجها إلى العمل، لأن نجاحها واستقلالها المادي لم يفضيا إلى اقتناعها بأنها حققت ذاتها، أو حافظت على كينونتها من التشظي، بل إن ذلك كله في رأيها أوصلها إلى الاغتراب، وإلى الإصابة بالاكتئاب والقلق والتوتر، فضلاً عن أنه حملها أعباء كثيرة ما كانت تنهض بها من قبل، أو يطلب منها القيام بها. وترى الدكتورة البشر أن زيادة الأعباء التي واجهتها المرأة أجبرها على أن تكبت الجانب الأنثوي في داخلها، وتفرح بما حققته من نجاح في الخارج من دون أن يخلصها ذلك من الضغط والتوتر، ويوصلها إلى الحرية التي كانت تحلم بها، وأن ذلك أنساها الالتفات إلى مشاعرها وأحاسيسها، فضلاً عن إيلائهما الاهتمام الكافي، ولذلك اضطرت إلى كبت مشاعرها وأحاسيسها، وغدت تحس في أعماقها بأنها تعاني حالة خواء عاطفي ووجداني، وتفتقر إلى الطمأنينة والسكينة اللتين يجب أن تصل إليهما بعد النجاحات التي حققتها في عملها. وفي رأيها أيضاً أن المرأة ظلت عاجزة في ضوء ذلك عن الشعور بالاستقلاليّة، وتحقيق الذات، لأن نجاحها ضمن لها الدخول إلى البرج الذكوري، والاستيلاء على مساحة واسعة منه، إلى أن ذلك لم يترافق بوصولها إلى حالة الاستقرار النفسي المنشودة، وظل المجتمع ينظر إليها على أنها تتمتع بمواصفات الرجل الناجح لا غير، أو أنها (امرأة حديدية) لا أكثر كما وصفت مارغريت تاتشر، أي أنها بقيت في نظر المجتمع مشابهة للرجل وليس امرأة ناجحة تختلف عنه. إلى ذلك شهد صالون «بحر الثقافة» مناقشة رواية «مدام بوفاري» لغوستاف فلوبير، وقد أجمعت المناقشات على أنها رواية واقعيّة حرص صاحبها على أن يوثق فيها الحياة الاجتماعية في القرن التاسع عشر، متناولاً العادات والتقاليد وأنماط العيش، إلى جانب تقديمه لأنواع الشّخصيّات، وقد حاول أن يكون حيادياً عند تصويره للوقائع والأحداث. وذهبت بعض الآراء إلى أنّ المؤلف أسرف في عرض واقعيته إلى درجة أن الرواية حوكمت بسبب ذلك، وعدت نصّاً إباحياً يحرض على الفسق والمجون وتجاوز المنظومة الأخلاقية المهيمنة.

مشاركة :