هل يضع المشرعون الكويتيون عقبات أمام مشروع مدينة الحرير؟

  • 5/2/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من المنتظر أن يساهم مشروع مدينة الحرير في شمال الكويت في تنويع اقتصاد البلاد وتقليص اعتماده على النفط، إضافة إلى اجتذاب استثمار أجنبي وتقوية الروابط التجارية مع العراق وإيران والصين، أو ذلك على الأقل هو ما تهدف إليه الخطة، إلاّ أن المشروع واجه مقاومة عنيفة حينما عرضه الابن الأكبر لأمير الكويت على مجموعة من المشرعين في مارس-آذار، والذين انتقدوا مسودة قانون بدا أنها تضع المنطقة المقترحة خارج الرقابة البرلمانية، وأثار مخاوف من السماح بترويج الخمور في بلد مسلم. وقالت النائب صفاء الهاشم للصحفيين، بعدما شاركت في اجتماع عقده الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح مع أعضاء لجنة برلمانية، إن مسودة القانون "عبارة عن انشاء دولة داخل الدولة.. أخطر قانون رأيته في حياتي". وتهدف خطة الشيخ ناصر التي تتضمن بناء منطقة اقتصادية حرة وميناء في المياه العميقة، على مراحل تمتد لما يزيد عن 25 عاما، إلى منع المزيد من التراجع للكويت عن جيرانها الذين فتحوا أبوابهم أمام الاستثمار الأجنبي، ويتنافسون على أن يصبحوا مراكز لأنشطة الأعمال في المنطقة. لكن على عكس نظرائها في منطقة الخليج، فإن الكويت لديها برلمان قوي منتخب عارض أعضاؤه إجراءات لا تحظى بقبول شعبي، مثل تقليص الرعاية الاجتماعية، وضريبة مبيعات جديدة تهدف لتحسين المالية العامة للدولة. وقال محمد الهاشل محافظ بنك الكويت المركزي في مائدة مستديرة مصرفية في مارس-آذار: "هناك مقاومة متزايدة للإصلاحات. إنها حالة جسم مريض لا يرغب في تناول الدواء، لكن بدون علاج اختلالاتنا الهيكلية، لن نتمكن من إحراز تقدم كبير". ويقول مؤيدو مدينة الحرير إن المشروع أساسي لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن صادرات النفط، التي تشكل نحو 90 في المائة من دخل الدولة وتطوير القطاع الخاص للمساهمة في خفض الإنفاق على الأجور والدعم اللذين يلتهمان حوالي 70 في المائة من الميزانية. ويشمل المشروع خمس جزر ومنطقة في شمال الكويت ويربطهما بالعاصمة جسر الشيخ جابر الأحمد، أحد أطول الجسور البحرية في العالم والذي بلغت تكلفته حوالي 904 ملايين دينار أي ما يعادل 3 مليارات دولار، وقد تمّ افتتاحه هذا الأربعاء. وبالإضافة إلى المنطقة الحرة والميناء، يتضمن المشروع مطارا وملعبا أولمبيا وبرجا أطول من برج خليفة في دبي، وهو حاليا أطول مبنى في العالم، ومساكن تستوعب ما يصل إلى 700 ألف شخص. ويهدف المشروع إلى خلق 200 ألف وظيفة على الأقل، بحسب تعليقات للشيخ ناصر نقلتها وسائل إعلام كويتية العام الماضي، وهو أمر مهم في بلد يزيد فيه الشباب دون 25 عاما عن نصف سكانه، ويعاني من عمالة زائدة في القطاع العام الذي لن يمكنه استيعاب وافدين جدد إلى سوق العمل. للمزيد: احتمال استضافة الكويت جولة جديدة من المباحثات اليمنية الكويت ودول الإتحاد الأوروبي ينتشلون الأونروا من عجزها بعد وقف التمويل الأميركي المشروع يحتاج لتفاصيل أكبر خطط إقامة منطقة اقتصادية في شمال الكويت الذي يشهد كثافة سكانية منخفضة من المسائل التي تمّ التفكير بها منذ سبعينيات القرن الماضي، ومحاولات الشيخ ناصر لإحياء الفكرة منحتها شهرة واسعة، حيث يُنظر إلى النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الذي يبلغ من العمر 71 عاما كمنافس محتمل بعد ولي العهد لخلافة والده أمير البلاد الذي يبلغ من العر 81 عاما، حسبما قال دبلوماسيون ومصدران قريبان من الأسرة الحاكمة، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المسألة. وتريد الحكومة أيضا تعزيز دفاعات الكويت في مواجهة التقلبات في أسواق السلع الأولية، إضافة إلى دعم أمنها الإقليمي من خلال شراكة مع الصين لبناء المنطقة. ومن حيث نصيب الفرد من الدخل، تأتي الكويت بين أغنى الدول في العالم نظرا لعدد سكانها القليل وإيراداتها النفطية الكبيرة. لكنها شهدت في 2016 أول عجز في الميزانية في نحو 20 عاما بسبب هبوط أسعار النفط. وفي تلك الأثناء، يتخذ جيرانها المعتمدون على النفط، مثل السعودية والبحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة، خطوات واسعة لتنويع الاقتصاد. وخطة مدينة الحرير شحيحة التفاصيل، وبصفة خاصة فيما يتعلق بمصادر التمويل. وحينما عُرض المشروع في وسائل الإعلام الحكومية في يوليو/ تموز 2018، كانت تكلفته تقدر بنحو 86 مليار دولار، لكن مسؤولين لم يذكروا تفاصيل هذا الرقم. وحينما سُئل عن التمويل في مارس-آذار، قال خالد المهدي الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في الكويت للصحفيين، إن النموذج المالي لا يزال قيد البحث، لكن الجزء الأكبر سيأتي من القطاع الخاص، دون ذكر المزيد من التفاصيل. ولم تستجب السلطات الكويتية لطلب للتعقيب. ومما يضيف إلى التساؤلات التي تحوم حول الخطة، قيام الشيخ ناصر الأسبوع الماضي بحل مجلس أمناء مدينة الحرير المسؤول عن إدارة المشروع، في مرسوم نشرته الجريدة الرسمية للكويت يوم الأحد، دون إبداء الأسباب. ولم يتم تسمية مجلس جديد. صعوبة في الإقناع تراهن خطة الشيخ ناصر على تعافي العراق من سنوات من الحرب، وعلى خروج إيران في نهاية المطاف من تحت طائلة العقوبات الأميركية، في نظرة طويلة الأجل جذبت اهتمام الصين في إطار مبادرتها الحزام والطريق لإعادة بناء طريق الحرير القديم ليربط الصين بآسيا وأوروبا وما وراء ذلك. وأشار مصدر كويتي مطلع على الخطة إلى إن الصين قد تدير الميناء مقابل رسوم، وتشارك في إدارة المنطقة الاقتصادية. وذكرت وسائل إعلام حكومية كويتية هذا الأسبوع أن مبعوثا كويتيا وقع، بالإنابة عن الشيخ ناصر، على مذكرة تفاهم مع بنك التنمية الصيني تتعلق "بالتطوير والبناء والتعاون الاستشاري" على هامش قمة الحزام والطريق في بكين. وقال بيان من وزارة الخارجية الصينية إن الاتفاقية أشارت إلى مدينة الحرير وتطوير الجزر الخمس، لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن الكويت "شريك مهم للتعاون" في مبادرة بكين الحزام والطريق. ودعت مسودة قانون، نشرتها صحيفة القبس الكويتية، إلى أن تكون المنطقة مستقلة من النواحي الإدارية والقانونية والتمويلية في نموذج مماثل لمركز دبي المالي العالمي، الذي يتيح إعفاءات ضريبية ولديه نظامه القضائي الخاص. ويخشى أعضاء البرلمان من أن ذلك سيضع المنطقة خارج نطاق رقابتهم. وغالبا ما يستجوب المشرعون الوزراء، وهو ما يؤدي إلى تعديلات وزارية أو حل البرلمان لتفادي اقتراع بعدم الثقة، خاصة أن أعضاء من الأسرة الحاكمة يشغلون مناصب وزارية. وقالت كريستين ديوان الباحثة بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن: "ستكون عملية إقناع صعبة للغاية. في الوقت الحاضر، المشروع لديه قليل من كل شيء، إنه مثل دبي في شكل مصغر". ويخشى بعض أعضاء البرلمان من بناء مدن جديدة على غرار دبي، مركز أنشطة الأعمال والسياحة في الخليج، وتجاوز دستور ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وقال النائب الإسلامي محمد الدلال: "الكويت، طبيعتها وهويتها عربية إسلامية ويغلب عليها الطابع المحافظ. وهناك نصوص دستورية، سواء كانت المادة الثانية من الدستور التي تتعلق بالشريعة الإسلامية أو النص المتعلق باحترام ومراعاة الآداب العامة... وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك انفتاح غير مسؤول، انفتاح يخالف هذه النصوص الدستورية".

مشاركة :