مغزى التوجيهات الملكية السامية بشأن العقوبات البديلة

  • 5/3/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أن تقلد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى مقاليد الحكم في البلاد حصلت نهضة إصلاحية وسياسية واجتماعية وحقوقية وإدارية، فقد تميز حكمه بالإصلاح السياسي الشامل عبر عودة الديمقراطية وإنشاء مجلس نيابي منتخب، وتعززت حريات الرأي والتعبير، وكذا إصلاح اجتماعي من خلال تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وحماية المجتمع عبر تعزيز الوحدة الوطنية بين أفراده في ظل الانتماء الوطني البحريني الجامع. وكذا الإصلاح الحقوقي بتثبيت كفالة حقوق الإنسان ورفع مكانة المرأة وإصدار بنية تشريعية وحقوقية إصلاحية وإنشاء الجمعيات والمؤسسات المعنية بالوضع الحقوقي كالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وجمعيات حقوق الإنسان الأهلية، والجمعيات السياسية المعنية بالشأن السياسي المحض. وقد تفرد الحكم الرشيد بالبحرين بقيادة جلالته بإنشاء مؤسسات جديدة لم تألفها من قبل، من قبيل النيابة العامة والمحكمة الدستورية والتنظيمات النقابية وغيرها. وإن مسيرة الإصلاح لم ولن تتوقف، هكذا يؤمن جلالته وهذا ما يسعى إليه جلالته مستقبلا من حيث الإصلاح والتطوير والتحديث. ومؤخرا كانت توجيهاته السامية إلى الحكومة الموقرة بالتطبيق الفعال لأحكام قانون العقوبات والتدابير البديلة، وتوفير العقوبات البديلة، والبرامج التأهيلية، والتي تتناسب مع الظرف الشخصي للمحكوم عليه، بغية إصلاحه، وإدماجه في المجتمع. وبناء عليه فإن هذا الإجراء يتماشى تماما مع أحكام الدين الحنيف، ومع المعايير الدولية بشأن التدابير البديلة، وهو نسق جنائي حديث، دعا إليه المؤتمر السادس للأمم المتحدة للوقاية من الجريمة عام 1980م. وكان حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى قد أصدر القانون رقم (18) لسنة 2017 بشأن العقوبات والتدابير البديلة ونصت (المادة 2) منه، أن العقوبات البديلة هي: أ – العمل في خدمة المجتمع ب – الإقامة الجبرية في مكان محدد ج – حظر ارتياد مكان أو أماكن محددة د – التعهد بعدم التعرض أو الاتصال بأشخاص أو جهات معينة هـ - الخضوع للمراقبة الإلكترونية و – حضور برامج التأهيل والتدريب ز – إصلاح الضرر الناشئ عن الجريمة ويقصد بالعقوبات البديلة أو بدائل السجون أنها مجموعة البدائل التي يتخذها القاضي لإحلال عقوبة السجن بخدمة يقدمها السجين لفئة من فئات المجتمع أو لجهة أو موقع خيري أو الالتحاق بمرفق تعليمي أو غير ذلك. (رؤية بشأن تطبيق العقوبات البديلة، نفيسة دعبل). وهذا النظام لربما يأتي بالكثير من المردودات من ناحية انخفاض أعداد السجناء وكلفتهم والتفرغ التام لعملية إصلاح وتأهيل هؤلاء، كما تتيح هذه العقوبات للمتهم الاستمرار في دوره في المجتمع، كما تعود بالنفع على أولياء أمور المتهمين بفقدهم إياهم ويكون فيما بينهم. وهناك الكثير من الدول تطبق هذا النظام، فقد نص قانون الإجراءات القانونية الجزائري المادة 1/5 مكرر على عقوبة العمل للنفع العام كبديل للسجن. وكذا في جنوب إفريقيا، فقد نص قانون الإجراءات الجنائية الصادر عام 1977 في المادة (28) على جواز وضع الأشخاص تحت المراقبة الإصلاحية كبديل للسجن، مدة 3 سنوات في الجرائم العادية، و5 سنوات في الجرائم ذات البعد الجنسي. (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية eipr،org). ونلحظ في كينيا أيضا العقوبات البديلة حيث دخلت في حيز القانون عام 1988م. أما في إنجلترا فنجد أن هذا النظام مطبق منذ عام 1972. في ماليزيا أعطى القانون حق القاضي في الجرائم التي لا يتجاوز الحكم فيها 3 أشهر، باستبدال السجن، بقضائه في أحد مراكز الخدمة المجتمعية بمعدل 4 ساعات يوميا. (المصدر نفسه). ونلاحظ أن المجتمعات الغربية حققت السبق في الحكم ببدائل السجون، قد يكون مرد ذلك الإحصاءات والدراسات التي أثبتت نجاعة هذه الأنواع من العقوبات، وقد يكون من إيجابيات هذه البدائل توفير الكلفة المالية لإنشاء المؤسسات العقابية وإدارتها ومتابعتها وأن تطبيق البدائل قد عاد بالنفع في الوقاية من الجرائم وحيلولة ارتكابها مرة أخرى، وهو الذي دعا المحاكم في الدول الغربية إلى اتباع ذلك، ومن إيجابيات ذلك الموضوعية والواقعية، حيث يقرر القاضي الحكم بناء على ظروف القضية وظروف الداعي إلى الجريمة، وهو أدعى إلى الإنصاف والعدل، ما يساعد في التصحيح ووقاية المحكوم وأسرته من وصم الإيداع في السجن، وحمايته – المحكوم – من مخالطة السجناء الخطيرين حتى لا يتأثر بالفكر الإجرامي، وأن العقوبات البديلة قد تقي من المكوث ببيئة السجن وأضرارها النفسية والصحية. (انظر: العقوبات البديلة في قضايا الأحداث، محسنة بنت سعيد سيف، رسالة ماجستير). ويعد هذا (القانون الجديد) نقلة نوعية متطورة في المنظومتين القضائية والحقوقية، وتطور لا نظير له وكبير في المشهد العدلي، ما يعزز من مكانة البحرين السامية في ساحة حقوق الإنسان والساحة الحقوقية برمتها. وقد أشاد به كثيرون حقوقيون وكتاب وبرلمانيون وغيرهم، وقد أجمعوا على مباركة هذا التوجيه لما يصب في خانة تطوير المنظومة الحقوقية والقضائية وبما يحفظ مستقبل أبناء الوطن، وان له الكثير من المعاني ببث روح الأسرة الواحدة وإيجاد فلسفة جديدة في المنظومة القضائية بما يعود بالنفع على الجميع. وقد قامت الأجهزة المعنية بهذا الشأن بتشمير سواعدها بتطبيق توجيه حضرة صاحب الجلالة في هذا الشأن وإنفاذا للتوجيهات الملكية ولقانون العقوبات البديلة. وعلى صلة بالموضوع أشاد معالي الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية الموقر بهذا التوجيه ورأى أن هذه التوجيهات تعكس حرص جلالته على تعزيز مكان الإنسان واحترامه وخلق روح المواطنة بما يستدعي حفظ الأمن والسلم الاجتماعي. وبين أن هذه العقوبات الجديدة تكرس دعائم الأسرة وتهدف إلى إصلاح المحكومين، مشددا على أهمية هذه العقوبات الجديدة ودورها الجديد المنوطة به، كتدبير ناجح لإرساء العدالة الجنائية ومحاربة الجريمة وطرق الوقاية منها. (راجع موقع وزارة الداخلية الإلكتروني – بتصرف). من جانب آخر ثمن كثيرون المبادرة الملكية السامية بتثبيت جنسية قرابة (551) محكوما صدرت بحقهم أحكام بإسقاط الجنسية في قضايا إرهابية وجنائية إنفاذا للقانون رقم (18) لسنة 2006 المعني بحماية المجتمع من الأعمال الإرهابية. إن هذا الأمر الملكي السامي ينم عن ملك رشيد وحكيم ورحيم ذي قلب واسع وصدر رحب، يتميز بشمائل كريمة وعديدة، وأبرزها العفو والصفح، ومكارمه في هذا كثيرة، فكم عفا وصفح ويأتي هذا الصفح لهؤلاء الذين خرجوا عن القانون ليضع حدا لمعاناتهم ومعاناة أسرهم. وإننا لنبارك لجلالته مثل هذا العفو والصفح وهو ليس بغريب على جلالته، فشكرا وألف شكر يا جلالة الملك على هذه اللفتة الإنسانية النبيلة، فقد أسعدت الجميع، وفرحت الكثيرين. وستظل مملكة البحرين كما عرفناها واحة للتسامح والتعايش والمحبة والسلام في ظل قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه. S-HAIDER64@hotmail.com

مشاركة :