باحث أميركي: بدأت نهاية حقبة أردوغان

  • 5/3/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة في تركيا تحولا كبيرا في هذا البلد، إذ تعكس ابتعاد التعاطف العام مع الرئيس أردوغان في المدن التركية الكبرى، خاصة مسقط رأسه السياسي اسطنبول، التي بدأ منها مسيرته كعمدة، فيما قد تكون هناك المزيد من التداعيات السياسية الكبيرة، بحسب مقال نشره موقع "غلوباليست" الأميركي لألون بن مائير، كبير الباحثين في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك والباحث في معهد السياسة العالمية الأميركي. وعلى عكس الادعاءات بأن المعارضة قامت بالتزوير في الانتخابات، فإن الحقيقة هي ضعف أداء حزب "العدالة والتنمية"، فهو سبب جذري في الأزمة الاقتصادية التركية الحالية بالإضافة إلى عدم كفاءة أردوغان في التعامل معها. وتكمن مشكلة حكم الرجل الواحد في أن الرجل القوي المفترض، من خلال استيلائه على كل السلطات السياسية في قبضته، يصبح بالتالي مسؤولاً عن جميع المشاكل في عيون الناخبين الساخطين. وأدى الضعف الكبير للاقتصاد التركي إلى توسيع دائرة الناخبين غير الراضين في مجموعة الناخبين التابعة لحزب العدالة والتنمية. وبالفعل، إن هناك صخباً بشأن الفصيل، الذي شكلته قوى حزب العدالة والتنمية السابقة، للانفصال عن الحزب. تصاعد الغضب الشعبي قدمت الانتخابات المحلية أول تعبير عن الغضب الشعبي الذي تزايد منذ عدة سنوات. وأسهم أردوغان في تشكيل هذا الغضب من خلال قيامه بشكل منهجي بتفكيك ما تبقى من الديمقراطية التركية. لقد طال التراجع زخم النمو الاقتصادي والديناميكية السابقة، بالإضافة إلى تجريف الإنجازات الاجتماعية-السياسية والقضائية الأكثر أهمية في عصر الإصلاح السابق، وأدي تلقائيا إلى هجرة العقول على نطاق واسع من تركيا. لم تعد الطبقة الإبداعية في تركيا، بما فيها العديد من كبار الأكاديميين، ترى مستقبلا مأمولا لأنفسهم في بلدهم الأم. ولم تكلل الجهود، التي يبذلها أردوغان لإقناعهم بالبقاء، إلا بالقليل من النجاح، إن وجد. أردوغان والديمقراطية بالنسبة لأردوغان، كان شكل الحكم الديمقراطي دائما مجرد أداة لحكم الأغلبية البحت. ولكن حتى ذلك لم يكن كافياً لإرضاء طموحه. إن أردوغان، كان ومازال، حريصا على أن يصبح القائد الأوحد، الذي يمكنه تشكيل مصير تركيا كدولة إسلامية وأن يكون زعيما للعالم الإسلامي السني. وكما قال ذات مرة: "إن الديمقراطية تشبه الحافلة، بمجرد وصولك إلى وجهتك، تترجل منها". وفي أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل، الذي يتهم بشكل غير مقنع خصمه القوي فتح الله غولن بالتدبير له، قام على بفصل وإنهاء خدمة نحو 150 ألف موظف حكومي مدني وعسكري فيما تم تم اعتقال واستجواب ما يقرب من 446000 في ظروف وبأساليب قاسية. وفي حملة غير مسبوقة، تم سجن 17000 امرأة مع أكثر من 700 طفل صغير بل تعرضت المعتقلات للتعذيب. وقام بتنفيذ مخططات اضطهاد ممنهجة ضد الجالية الكردية في البلاد وحرمهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية. وفيما يعد أمرا نادر الحدوث في تركيا، شكل الناخبون الأكراد، الذين يعيشون في المدن الكبرى كتلة محتملة لتصويت حاسم، أدى إلى هزيمة مرشحي حزب العدالة والتنمية. وبغض النظر عن رغبته في الهيمنة، كما هو معتاد من قبل، قام أردوغان أيضا بإغلاق ما يقرب من 130 قناة تلفزيونية ومحطة إذاعية وصحيفة ومجلة ودار نشر، وتم اعتقال 231 صحافياً. تسببت عمليات التطهير في معاناة أكثر من مليون ونصف مواطن استهدفهم أردوغان هم وأفراد أسرهم. لا شك أن أردوغان جعل تركيا دولة بوليسية. يعيش الأتراك العاديون في حالة رعب من الانتهاكات التي تتكشف يوميا، لأنه لم يسرق حريتهم فحسب بل امتهن كرامتهم أيضا، فيما يعد أيضًا عاملا حاسما يعرقل النمو الاقتصادي في تركيا. كما يعد سعي أردوغان المتواصل لتنفيذ أجندة دينية مندفعة عاملا رئيسيا آخر في هذه المعادلة. إنه يريد أن يغرس في الوعي العام التركي أن رفاهية الشعب بشكل عام ترتبط مباشرة بكونهم مسلمين متدينين. ومع ذلك، فإنه لابد سيخسر هذه المعركة، لا سيما في المدن الكبرى أو بين الناخبين الشباب في تركيا. وتثير محاولات أردوغان المتزايدة لإدخال الإسلام في المجتمع والسياسة الاستياء، لأنه يتعارض مع الاعتقاد بين عموم الشعب التركي بأن كونك مسلماً يمكن أن يتماشى جنباً إلى جنب مع الثقافة الغربية. نتائج عكسية للوهم العثماني وبغرض غرس صور تحاكي العصر العثماني، بنى أردوغان لنفسه قصرا رئاسيا يتألف من 1150 غرفة. وعلى الرغم من المعارضة الشعبية القوية في اسطنبول، أصر على تحويل قسم كبير من ميدان تقسيم إلى مركز تجاري ضخم، يضم واحدا من أكبر المساجد، وتم تصميمه هندسيا ليتوافق مع طراز العصر العثماني. وخابت آمال سكان اسطنبول بسبب الاستثمارات الضخمة، التي أهدرها أردوغان في الترويج لإحياء الوهم للعصر العثماني، بشكل كبير حتى بين بعض أتباعه المتحمسين، الذين تعتبر قضايا المواد التموينية والمعيشية أكثر أهمية بالنسبة لهم. ومن المرجح أن يتسبب هذا التباين في الأولويات في المزيد من المشكلات عندما يستمر التعثر الاقتصادي وهو من غير المتوقع أن يتعافى في أي وقت قريب. عقبة التحالف مع الغرب أصبح التحالف الوثيق مع الغرب يمثل عقبة أمام تحقيق الطموح القومي لأردوغان، وهو ما يبرر السبب في اتخاذه، عن عمد، قرارًا بالابتعاد عنه. فعلى سبيل المثال، تحدى الولايات المتحدة، وهي دولة حليفة في الناتو، من خلال التعاقد على صفقة شراء منظومة دفاع صاروخي متطورة من روسيا، العدو الأكثر غرابة في الغرب، بما يهدد بتعرض التكنولوجيا العسكرية للولايات المتحدة للخطر. ويتشبث أردوغان باعتقاد أنه يمكن أن يحقق مبتغاه، على جبهة السياسة الخارجية، في كلا الاتجاهين العكسيين، وربما يكون هذا التحرك هو الأكثر خطأً بين كل حساباته القاتلة. تقارب متزايد مع بوتين إن تقارب أردوغان المتزايد مع بوتين يثير قلق معظم الأتراك. يجب على أي مواطن لديه مجرد إحساس أساسي بالتاريخ أن يدرك أن مواقف روسيا تجاه تركيا، الدولة العثمانية التي ظلت تلاحق روسيا بالمضايقات منذ زمن طويل، أن الروس سيتسامحون معها قيد أنملة. إن أردوغان ليس إلا مجرد قطعة شطرنج في خطة بوتين لتقويض المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وإضعاف التحالف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وزعزعة استقرار الناتو. لا يمكن تصنيف التعاون مع أردوغان بأنه جزء من أي تحالف ناشئ، ولكنه جزء من مخطط بوتين الشرير. موعد سقوط أردوغان يقول الباحث ألون بن مائير إن البعض يرى أن نتيجة الانتخابات المحلية التركية الأخيرة تضر فعليا بأردوغان سياسيا، لكنها لن تقضي عليه على المدى الطويل، ولكنه يختلف مع هذا الرأي. ويقول بن مائير إنه يثق في أنه نظراً للفزع العام والاستياء من أساليب حكمه الوحشية، فإن "بداية نهاية عهد أردوغان بدأت بالفعل وأنه تم التصديق بخاتم السقوط على أوراقه في نهاية المطاف. ولكن تبقى الإجابة عن السؤال الوحيد وهو متى سيسقط أردوغان؟

مشاركة :