حليب الأطفال الرخيص! - سمر المقرن

  • 3/18/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وأنا أقرأ قائمة السلع الممنوع تصديرها من المملكة إلى الخارج، التي نشرها الأسبوع الفائت الزميل عبدالعزيز العطر في صحيفة «مكة»، وجدت من بينها حليب الأطفال، فقلت في نفسي: «خيرًا فعلوا».. فيكفينا أن أطفالنا يتناولون حليبًا مغشوشًا، فهل سنصدره ونبلي به أطفال دول أخرى؟ لذا من الأفضل حظر تصدير حليب الأطفال الذي ثبت تلاعب وكلاء الحليب في تركيبته، وتقليص كمية الحليب داخل المكونات؛ وذلك التفافًا على تثبيت التسعيرة التي أقرتها وزارة التجارة والصناعة! وزارة التجارة والصناعة قامت مشكورة بمتابعة أسعار حليب الأطفال، وإيقاف كل من يحاول رفعها عند حده، إلا أنها في المقابل، وإلى هذا اليوم، لم تتخذ أي إجراء ضد الالتفاف على تركيبة حليب الأطفال التي ثبت الغش فيها والتلاعب بمكوناتها حتى تتوافق هذه التركيبة الرخيصة مع الأسعار المحددة. وما دامت وزارة التجارة والصناعة قد فتحت هذه الملفات فالأولى أن تمسك بزمام القضية بالكامل، لا أن يكون التركيز على السعر دون النظر إلى التركيبة المغشوشة من خلال تقليص كمية الحليب الواجب توافرها داخل العبوة. وإن كانت الوزارة لن تلتفت إلى هذا الأمر فالأفضل أن تعود تركيبة الحليب دون غش ولا تلاعب وبأسعار مرتفعة، ولا أن يشرب أطفالنا حليبًا مغشوشًا! بعض عبوات حليب الأطفال لا تحتاج إلى فحص ولا إلى معامل للتأكد من أنها مغشوشة؛ فبإمكان أي أُمّ، وبالعين المجردة، أن تكتشف وجود هذا الغش من خلال مزج الحليب بالماء ورؤية شكله، وصعوبة ذوبانه. أتذكر قبل ثماني سنوات كنت في بريطانيا، وأسعار ألواح الشوكولاته لديهم موحدة في محال السوبرماركت بنحو 1.50 جنيه إسترليني، وعندما زرت سوبرماركت عربياً وجدت لديهم نفس ألواح الشوكولاته بربع السعر تقريبًا. حاولت الاستفسار عن فارق السعر من البائع فقال لي «لأن هذه الشوكولاته هي التي يتم تصديرها للدول العربية». لم أفهم جيدًا وقتها مقصده، إلا أن المصادفة ساقتني لألتقي السفير البريطاني بعد تلك الرحلة، وحاولت أن أستفهم منه عن الفارق بين الشوكولاته مرتفعة السعر الموجودة في كل البقالات والرخيصة التي تباع في السوبرماركت العربي، مع أنها نفس النوع، فذكر لي أنه كان في زيارة إلى مصانع الشاي في سيلان، وأنه وجد صالة كبيرة مليئة بقشور الشاي الملقاة على الأرض، وعندما استفسر عن سبب بقائها وعدم تنظيفها أبلغوه بأنها خاصة بالشاي الذي يتم تصديره للدول العربية..! هذا ما يجعلنا نشعر بالفارق الكبير في الشاي والقهوة وحتى المشروبات الغازية وكل شيء ذي طعم مختلف في أوروبا وأمريكا عن الذي نتناوله في الدول العربية. لا يذهب فكركم بعيدًا وتشعروا بالحنق على هذه المصانع كما بدا شعوري عندما وصلتني هذه المعلومة؛ فالمشكلة ليست في المصانع ولا في دول التصدير، إنما المشكلة فينا نحن؛ لأن الدول العربية بشكل عام تطلب من هذه المصانع سلعاً بمواصفات أرخص؛ وبالتالي أقل جودة. هذا ما قاله لي السفير البريطاني وقتها: «أنتم تريدون نفس السلع لكن بأسعار رخيصة». قد نتعايش مع كل هذه السلع، ونرضى بها؛ لأننا دول العالم الثالث، وهذا قدرنا، أما أن تمس هذه المصالح صحة أطفالنا وإرضاعهم حليبًا مغشوشًا فيجب أن تتوقف كل المصالح دون صحة الأطفال!

مشاركة :