يجب أن تستكمل هذه التدابير بعملية إعادة تفكير استراتيجية في كيفية تنظيم العمل، وتحديد مجالات توفير فرص العمل، التي يمكن أن تعزز المزايا الاجتماعية. وورد في الكتاب الأبيض الذي صدر أخيرا أنه يجب على البلدان زيادة الاستثمارات العامة والخاصة في ثلاثة مجالات: قدرات الأفراد، والمؤسسات والقواعد المتعلقة بالعمل، والقطاعات التي تتجه إلى تحقيق النمو والتي تفيد المجتمع، بما فيها الرعاية والتعليم والمياه والطاقة والبنية التحتية الرقمية والخاصة بالنقل. ويتيح المنتدى الاقتصادي العالمي منصة لمثل هذه التحالفات لإكساب القوى العاملة اليوم مهارات جديدة على وجه السرعة، وكذلك تصميم التعليم من أجل القوى العاملة في المستقبل. وتوفر مبادرة سد فجوة المهارات منصة لتركيز الأعمال المتفرقة في إطار مهمة واحدة شاملة للتعامل مع تنمية المهارات الموجهة نحو المستقبل، وفي الوقت نفسه دعم التعاون البناء بين القطاعين العام والخاص بشأن الإصلاح العاجل والأساسي لنظم التعليم وسياسات العمل لإعداد القوى العاملة لمستقبل الوظائف من خلال البرامج الخاصة بكل بلد، وتبادل أفضل الممارسات على الصعيدين العالمي والإقليمي، والتزامات أنشطة الأعمال العالمية. وقد تمخضت هذه الجهود عن إنشاء شبكة عالمية من فرق العمل الوطنية من القطاعين العام والخاص في كل من الهند وجنوب إفريقيا والأرجنتين وعمان، إضافة إلى عديد من الشركات الشريكة العالمية التي تعهدت بإعادة تشكيل مهارات 17 مليون عامل على مستوى العالم أو صقل مهاراتهم، وهو ما يتجاوز هدف عام 2018 المتمثل في مساعدة عشرة ملايين عامل بحلول عام 2020. بينما نحدث تحولات في التعليم وأسواق العمل، فمن الضروري أيضا أن نأخذ التأثيرات المحددة في الفئات المختلفة في الحسبان. على سبيل المثال، بالنظر إلى كيفية تقسيم أسواق العمل لدينا حاليا، فمن المرجح أن يقع عبء إلغاء الوظائف واتجاهات فجوة المهارات بشكل غير متناسب على النساء. فالنساء يشغلن عديدا من الوظائف التي يحتمل استبدالها، إضافة إلى ضعف حضورهن في المجالات التي من المرجح أن تشهد نموا في الوظائف. على سبيل المثال، لا تمثل النساء سوى 22 في المائة من العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي. على الرغم من ذلك، تتيح المصادر الجديدة لإيجاد وظائف فرصة فريدة لربط التكافؤ بين الجنسين بمستقبل العمل. ويتطلب الانتقال إلى التكافؤ بين الجنسين اتخاذ أنشطة الأعمال والحكومات تدابير استباقية لضمان تمثيل النساء على قدم المساواة مع الرجال في الوظائف الأعلى نموا وأكثر المهارات المطلوبة. ويوجه المنتدى الاقتصادي العالمي الدعوة للشركات لتحديد الوظائف الخمس الأسرع نموا والالتزام بتوظيف أعداد متساوية من الرجال والنساء. ويمكن أن تصبح هذه الجهود وغيرها من المساعي المبذولة للاستثمار في تنمية مواهب جميع الأشخاص وقدراتهم الجسر الذي نحتاج إليه للانتقال إلى نمو مستدام شامل يستفيد من التكنولوجيا لإتاحة الفرص للجميع. ويمكن للاستثمار في البشر أن يحولهم من مجرد مراقبين سلبيين لتوقف النشاط إلى قادة نشطاء للتغيير الإيجابي في مجتمعاتهم المحلية والإقليمية والعالمية.
مشاركة :